من نحن  |  الاتصال بنا
آخر الأخبار

 - المياه.. الإحساس بالمشكلة لايكفي

الثلاثاء, 21-مايو-2013
صعدة برس -
محمد العريقي -
صحيح أن قضية المياه باتت محسوسة وملموسة، وتنامى الوعي والشعور بخطورتها عند معظم الناس، لكن هذا الإحساس والشعور لم يترجم إلى أفعال حقيقية لمواجهة هذه المشكلة المعقدة والخطيرة والحد من تدهورها، ولذلك فإن التصدي العملي لهذه المشكلة يتم من خلال التصرفات والممارسات الإيجابية الفردية والمجتمعية والمؤسساتية، حيث تتكامل الأدوار، ابتداءً من الفرد العادي، وحتى أعلى هيئة حكومية، وكذلك القطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام المختلفة، وكل قنوات التواصل والمعرفة، والتوجيه الإرشادي الديني.
ويعد العمل الطوعي الفردي، الخطوة الأولى في مكون هذه المنظومة الشاملة.
فالعمل الطوعي هو جوهر المعالجة المؤثرة لمشكلة المياه، ولنا نحن اليمنيين تاريخ حافل وشواهد حية تجسد فيها العمل الطوعي في أبهى صوره من خلال إدارة مائية ورشيدة وتعاونية.
فمفهوم التعاون والمشاركة متأصل في نفوس اليمنيين منذ زمن بعيد، ساهم هذا العمل الشعبي في إنجاز الكثير من المعالم الحضارية ومنها المنشآت المائية والمدرجات الزراعية، ومنذ الثلاثينات من القرن العشرين بدأ العمل التعاوني والشعبي يأخذ بعدًا معاصراً تمثل بإنشاء الجمعيات الخيرية والتعاونية والسكنية والاستهلاكية والمائية والزراعية والاستثمارية...الخ والنوادي الرياضية والثقافية والاتحادات.
ورغم العمل الطوعي المبكر في اليمن إلاّ أن كل شكل من أشكال العمل التعاوني كان يعاني من مشاكل تنظيمية وإدارية ومالية وفنية، منها ضعف القدرات الفنية وقلة الخبرة والتجربة في مجالات التشخيص والتخطيط والبرمجة والتنفيذ والمتابعة، مما دفع الجهات المعنية للاهتمام بهذه الجوانب من خلال عدد من المشاريع التي تشرف عليها وزارة المياه والبيئة.
وانتشرت منذ أوائل عام 2004م العديد من الجمعيات وجمعيات مستخدمي المياه في العديد من المناطق وصلت اليوم إلى أكثر من سبعمائة جمعية، لكنها غير فعالة، فهناك من يتطلع إلى أن تكون هذه الجمعيات مدعومة من قبل الحكومة والمنظمات والهيئات المانحة، وهذا الأسلوب يتنافى مع روح ومبدأ العمل الطوعي، الذي يتطلب التضحية بالجهد والوقت، وعند بعض المقتدرين بالمال .
صحيح دعم مثل هذه الجمعيات أمر مهم في مجتمع فقير كالمجتمع اليمني، لكن يفترض أن تنشط هذه الجمعيات بكل استطاعتها وتتجه فعلا نحو المجتمع المحلي، والاستفادة من الأدوات المتاحة شعبية، وحكومية، وإعلامية، ومنظمات مجتمع مدني، حتى يتمكن المزارعون تحت مظلات جمعيات مستخدمي المياه من إبراز الجذوة لمثل هذه الجمعيات.
وقد أظهرت كثير من الدراسات أن قيام المزارعين بأنفسهم بتشغيل وإدارة وصيانة هذه الأنظمة يؤدي حتى إلى زيادة رقعة المساحة المروية ويضاعف مردود المحاصيل الزراعية. ويمكن لهذه الجمعيات أن تقوم بعمل جماعي في إدارة المياه في إطار مجموعات تتخصص في مهام مثل تنظيم زمن صرف المياه في القنوات وصيانتها. ولاشك أن مثل هذا العمل سوف يرفع من مستوى فعاليات استهلاك المياه، كما أن لهذه الشراكة فائدة أخرى تتمثل في زيادة الشفافية في توزيع مياه هذه المنشآت، مما سيخفف من حالات النزاع بين المزارعين.
إن المشاريع الزراعية المائية التي تدار من خلال المستخدمين تتفوق في إنتاجها على المشاريع الزراعية الضخمة التي لايكون للمستفيدين منها دور في إدارتها والتي تعتمد في تشغيلها على الجهات الحكومية.
وهنا تتأكد ضرورة إزالة القيود والعقبات التي تحول دون التوسع في الشراكة مع المزارعين والعمل على تقديم الإرشادات التي تمكنهم من الحصول على عائد أفضل بأقل كمية من المياه.. ويلعب الإرشاد الزراعي دوره الأساسي في التوعية بهذا الجانب.
إن المشاريع المائية التي تنفذ على أساس المشاركة الشعبية تكون تكلفتها أقل بكثير من تلك التي تقام بتمويل حكومي كامل. كما أنها تكون قابلة للاستدامة، وتفيد في تعزيز جسور الثقة والشفافية مع المجتمعات المحلية المستفيدة منها.
ومع ذلك فإننا نؤكد أن الانتظار لما سيأتي من الدولة أو المانحين، لن يخلصنا من مشكلة شحة المياه التي يعاني منها المواطن والمزارع، وصاحب المصنع، والمنشأة السياحية، والحيوانات والنبات، والبيئة وغير ذلك من مظاهر الحياة، وإنما الخطوة الأولى والأساسية هي من صنعنا نحن اليمنيين كأفراد، والبداية من الفرد في المنزل، يستطيع أن يحد من استهلاكه للمياه بأفضل ممارسات الترشيد، وفي المنزل يمكن إبراز سلوك العمل الطوعي، بالمتابعة المستمرة بالفعل والقول، لسد أي تسريب مائي، ولنصح الأطفال والنساء بأهمية التقنين للمياه، واستخدام أدوات مرشدة في المطبخ والحمامات وفي ري الأشجار.
ويستطيع الفرد اليمني من خلال انضوائه في جمعيات طوعية خاصة بالمياه أن يقدم الكثير، بالعمل على مستوى الحي والقرية، في ابتكار أساليب لحصاد وترشيد المياه، ويستطيع طلاب وطالبات المدارس والمعاهد والجامعات والأندية والمخيمات الرياضية، أن ينفذوا مبادرات تحسن من استغلال المياه بطريقة جيدة ورائعة.
يستطيع خطيب المسجد من خلال خطب الجمعة وحلقات الوعظ والإرشاد أن يتبنى قضية المياه، ويقدم خطابا دينيا يتكرر باستمرار سيعطي تأثيره بكل تأكيد، وكذلك تستطيع وسائل الإعلام المختلفة أن تمارس دوراً فعالاً من خلال خطة دائمة ومستمرة لقضية حيوية مثل قضية المياه.
الخلاصة: إن مشكلة المياه تهم كل الناس وحلها يتطلب تعاون كل الناس بمختلف شرائحهم، وأعمارهم، ومكانتهم الاجتماعية, (فلا يحك جلدك مثل ظفرك، فتدبر أنت شئون أمرك).

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
انشر في تيليجرام
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر

مختارات
شاهد مصانع الارتقاء للبلاستيك - فيديو
صعدة برس - خاص
شاهد بالفيديو.. تفاصيل عملية "فجر الإنتصار" بمأرب
صعدة برس - وكالات
جرائم العدوان السعودي الأمريكي على اليمن خلال 2000 يوم "انفوجرافيك"
صعدة برس-متابعات
ست سنوات على العدوان على اليمن.. خسائر بالجملة
صعدة برس
شاهد.. ابشع مجزرة بحق 34 طفل و10 نساء بمنطقة صبر – صعدة
صعدة برس
ابشع مجزرة يرتكبها طيران العدوان السعودي في اليمن بحق معزين بالصالة الكبرى بصنعاء
صعدة برس
شاهد..جريمة قصف العدوان السعودي الأمريكي مديرية الجراحي جنوب الحديدة
صعدة برس
مشاهد مروعة لمجزرة طيران العدوان السعودي في مدينة يريم بإب
صعدة برس
شاهد..جرائم العدوان السعودي الامريكي في اليمن (حجة)
صعدة برس
شاهد..Saudi Arabia crimes in Yemen جرائم التحالف السعودي في اليمن
صعدة برس
شاهد..جرائم العدوان السعودي الامريكي في اليمن (حجة)
صعدة برس
جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(شبكة صعدة برس الإخبارية)