من نحن  |  الاتصال بنا
آخر الأخبار

 - د. عادل الشجاع

الخميس, 25-ديسمبر-2008
د. عادل الشجاع -
إذا كنا نسلم بأن الديمقراطية في جوهرها نظام للحوار، فإن ذلك يحتم علينا أن نعترف في إطار نقد الذات بأن ثقافة الديمقراطية ما زالت غائبة عند الأحزاب السياسية.

وإذا كنت ألح على مسألة الديمقراطية فإن ذلك ينبع من إيماني بأننا بحاجة إلى ثقافة ديمقراطية مستنيرة تخرجنا من دائرة الجدل العقيم وثنائية سلطة ومعارضة.
وهذا لا يعني أنني أدعو إلى قولبة الأحزاب في قالب واحد، فأنا مع التعدد والاختلاف، لكنني أدعو إلى ثقافة يؤمن بها الجميع في إطار الالتزام بالحفاظ على سلامة الوطن والالتزام بالقواعد الديمقراطية التي تحتم علينا الانصياع لرأي الأغلبية.

والثقافة الديمقراطية التي أدعو إليها هي التي تحدد الأدوار بكل دقة، بحيث لا تحوز الأغلبية على الأقلية.

وأنا عندما أتحدث عن سلطة ومعارضة، فإنما أتحدث عن الهيكل الثنائي للظاهرة الثقافية التي فقدت الانسجام الموحد، فما زالت مفاهيم المبادئ السياسية الجديدة لم تؤسس بصورة كاملة، فمازالت الأحزاب السياسية تسعى وراء الشخصية المثالية التي قامت الثقافة التقليدية بإعدادها، كما أنها تجسد لدى أتباعها عبادة الشخصية المثالية وتمجيدها، مما جعل الناس لديهم نوعان أو عدة أنواع من نماذج السلوك ومقاييس القيم، وتجعل هذه الثقافة الأفراد يشعرون بالحيرة ولا يعرفون أي طريق يسلكون، ويفتقرون إلى مشاعر التأييد وبسبب هذه الممارسة فقد جعلت الناس يسعون على نطاق واسع وراء الأشياء الظاهرية والسطحية، أما المغزى الداخلي والعميق للديمقراطية فلم تعترف به الأحزاب ولم تفهمه ولم تبحث عنه وتفتقر هذه الأحزاب إلى المفاهيم المشتركة بسبب الطبيعة المختلفة للثقافة السياسية التي جعلت الناس يفتقرون إلى مشاعر المشاركة القوية على نطاق واسع.

وربما يكون مفيداً أن نستوعب تلك المقولة التي تقول إن الإنسان عدو ما يجهل وعندما نقترب من تفسير هذه العبارة، فإن ذلك يدفعنا إلى الإحساس بالخطر وخاصة عندما يتزايد مقدار التباعد بيننا وبين الفكر والعلم والحداثة لأن هذا التباعد يجعلنا في وضع المغترب وبالتالي يشيع في نفوسنا - تلقائياً- ألواناً من الشعور بالعداء نحو ما نجهل.

أريد أن أقول بوضوح أننا نحتاج إلى تجسيد ثقافة ديمقراطية صحيحة تقوم على الفهم وضرورة توفير الساحة المناسبة التي تسمح لكل الأحزاب السياسية بأن تمارس دورها ضمن مكونات البناء الديمقراطي.

وحتى نتجنب مخاطر الإقصاء والتركيز على الأخطاء والعيوب بعيداً عن النقد الذي يستكشف الممكنات العقلية الجديدة التي تجعل ما كان ممتنعاً أو محالاً، ممكنا جائزاً أو بما هو استشراف لأفق فكري يتيح تكوين شروط جديدة.

نحن بأمس الحاجة إلى ثقافة ديمقراطية تؤمن بها الأحزاب والنخب السياسية، من أجل أن نتجنب المزايدات التي تلهث وراء الرغبة في التعجيز، وتدفع بالبلاد إلى قفزات غير محسوبة لمجرد دغدغة العواطف والظهور بمظهر المعبر عن مطالب الناس ودون إدراك أن المزايدين في بلدان أخرى قد جروا بلدانهم إلى المغامرات، والحقيقة أننا حتى الآن مازلنا نمضي بثبات وتدرج على طريق تعميق الممارسة الديمقراطية وما نحتاجه هو الحوار المستمر بين السلطة والمعارضة وعلينا ألا نحول هذا الحوار إلى جدل يتغذى بلغة الرغبة في الإقصاء أو العناد، فإن ذلك علامة واضحة على الفوضى وعلى غياب الديمقراطية.

وكلنا نعلم أن الديمقراطية التي انتهجتها بلادنا لها إيجابيات بلا حدود، لكننا مطالبون بحمايتها من السلبيات والحذر من مغبة إغراق الرأي العام بأوهام التشكيك التي تقلل من هيبة الدولة وطمس الحقائق وكل ذلك يجرنا إلى الخروج على قواعد الممارسة الديمقراطية من حيث لا ندري.

وبكل صراحة أقول لأحزاب المعارضة إن المشاركة في التجربة الديمقراطية لم تعد مجرد ديكور للمباهاة أو المغالاة في افتعال وصنع المعارك السياسية وإنما هي ديمقراطية الحوار والتفاعل الذي يصنع الحياة ويعزز الاستقرار ويلبي احتياجات الحاضر ويؤمن ضرورات المستقبل.

ومن هنا لابد من التسليم بما وصلت إليه الديمقراطية في العالم والتي تقوم على أسلوب اتخاذ القرار عن طريق الأغلبية وتوسيع مشاركة الناس في تقرير السياسة العامة وتوجيه الحكم لمصلحة الشعب.

ومن المؤكد أننا مازلنا في بداية الطريق نتلمس الخطى نحو بناء ديمقراطي سليم، ولن نستطيع احداث تحول ديمقراطي مالم نحدث تحولا في البنية التحتية والبنية الاجتماعية اللتين مازالتا تقفان أمام التحول الديمقراطي.
ولكي تتحقق البنية التحتية والاجتماعية في أي بلد من البلدان فإن الأمر يستدعي توافر اشتراطات عديدة أهمها.

الاستقرار الداخلي تحت رايات الأمن وسلامة وحدة الوطن، لأنه في ظل غياب الأمن والاستقرار تصبح كل خطط وبرامج التنمية في مهب الريح.

وإذا كان لي من أمنية أخيرة فإنني أتمنى أن يتحول اللقاء المشترك إلى حزب واحد تقوده مؤسسة واحدة، فالعبرة ليست في كثرة عدد الأحزاب والصحف التي تتبعها وإنما في توفير البيئة الملائمة لأوسع قدر من المشاركة في صياغة وصنع القرار وعلينا أن نتفق أن الحوار الذي يطرح بدائل هو الذي يستظل تحت مظلة الديمقراطية وليس ذلك الذي يدق على طبول التشكيك ويقود البلاد إلى فوضى تهدم ولا تبني!

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
انشر في تيليجرام
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر

مختارات
شاهد مصانع الارتقاء للبلاستيك - فيديو
صعدة برس - خاص
شاهد بالفيديو.. تفاصيل عملية "فجر الإنتصار" بمأرب
صعدة برس - وكالات
جرائم العدوان السعودي الأمريكي على اليمن خلال 2000 يوم "انفوجرافيك"
صعدة برس-متابعات
ست سنوات على العدوان على اليمن.. خسائر بالجملة
صعدة برس
شاهد.. ابشع مجزرة بحق 34 طفل و10 نساء بمنطقة صبر – صعدة
صعدة برس
ابشع مجزرة يرتكبها طيران العدوان السعودي في اليمن بحق معزين بالصالة الكبرى بصنعاء
صعدة برس
شاهد..جريمة قصف العدوان السعودي الأمريكي مديرية الجراحي جنوب الحديدة
صعدة برس
مشاهد مروعة لمجزرة طيران العدوان السعودي في مدينة يريم بإب
صعدة برس
شاهد..جرائم العدوان السعودي الامريكي في اليمن (حجة)
صعدة برس
شاهد..Saudi Arabia crimes in Yemen جرائم التحالف السعودي في اليمن
صعدة برس
شاهد..جرائم العدوان السعودي الامريكي في اليمن (حجة)
صعدة برس
جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(شبكة صعدة برس الإخبارية)