من نحن  |  الاتصال بنا
آخر الأخبار

 - هلع أمريكي من فوضى قادمة لمصر والخليج

الأحد, 04-أغسطس-2013
صعدة برس -
عبد الباري عطوان
لا بد ان نعترف بكل وضوح ان الولايات المتحدة الامريكية نجحت وحلفاؤها العرب في اجهاض مسيرة الثورات العربية، واعادة الديكتاتوريات بصيغة جديدة الى سدة الحكم مجددا، سواء كانت ديكتاتوريات عسكرية او مدنية طائفية الطابع، لكنها ستكون ومصالحها، الخاسر الاكبر في نهاية المطاف.



صحيح ان الجيوش العربية الرئيسية الثلاثة (العراق، مصر، سورية) قد تدمرت او انهكت، ولكن هذا لا يعني ان اسرائيل حليفتها الكبرى في مأمن، فالبديل عن الجيوش هو الفوضى المسلحة، وهذه في حد ذاتها اكثر خطورة على المديين القريب والمتوسط.



الادارة الامريكية اوكلت لحلفائها في المنطقة مهمة قتل المسيرة الديمقراطية، سواء من خلال ضخ المليارات من الدولارات، او توظيف قدرات التضليل الاعلامي الهائلة، وقد ادوا هذه المهمة على اكمل وجه طوال العامين الماضيين، ولكن النتائج جاءت معاكسة تماما.



الهلع الامريكي الاوروبي الذي نراه في اوضح صوره يتجسد حاليا في حجيج المسؤولين الغربيين الى القاهرة لانقاذ الانقلاب العسكري المصري من المأزق الذي تورط فيه، من حيث عدم القدرة على الحسم واعادة السيطرة على الاوضاع الامنية والسياسية هو المؤشر الابرز في هذا الخصوص.



فشل الانقلاب العسكري يعني تحول مصر الى دولة فاشلة في المنطقة، وانهيار كل المخططات الامريكية الغربية في تحقيق الاستقرار وما يتبعه من تدفق النفط رخيصا، وتحقيق الامن للاسرائيليين، وصعود موجات التشدد الاسلامي، وهذه هي الخطوط الاكثر احمرارا بالنسبة الى الاستراتيجية الامريكية في المنطقة.



بعد عشر سنوات على عملية التفكيك التي خططت لها امريكا جيدا في المنطقة، وبتوصية من حلفائها اليهود الاسرائيليين وغير الاسرائيليين، وبدأت بالحرب على العراق واحتلاله، وها هو السحر ينقلب على الساحر، فالعراق الذي خسرت فيه امريكا اكثر من الفي مليار دولار بات خارج سيطرتها ويقف في المعسكر الايراني المعادي لها، والحرب في سورية دخلت مرحلة الجمود وعدم الحسم وتبلور ثلاثة كيانات شبه مستقلة بدلا من الدولة المركزية القوية، ومصر محور الارتكاز الرئيسي في هذا المثلث تنجرف نحو المجهول.



اغلاق الادارة الامريكية للعديد من سفاراتها في المنطقة العربية يوم الاحد تحسبا لهجمات قيل انها من تخطيط تنطيم "القاعدة" احد العناوين الرئيسية التي تؤشر لهوية المرحلة المقبلة، وفشل ما يسمى بالحرب على الارهاب، وبدء صعود الجيل الثاني من هذه المنظمة التي ترفع راية الاسلام الجهادي.



تنظيم "القاعدة" وبعد عشرين عاما من تأسيسه في السودان (بذرته السياسية الاولى) وافغانستان (قاعدة انطلاقته العسكرية) بات قوة رئيسية يصيغ تطورات الاحداث في المنطقة سلبا او ايجابا (وفق موقف الناظر وعقيدته الايديولوجية) فقد بات احد القوى الرئيسية في سورية (جبهة النصرة ودولة العراق الاسلامية) ودون ان يخسر وجوده في العراق (شهد الشهر الماضي قفزة نوعية وكمية في عملياته ابرزها اقتحام السجون وتصعيد اعمال التفجير)، وتحول الى قوة ضارية في ليبيا (اقام امارات في اكثر من مدينة) وبات يسيطر تقريبا على منطقة الساحل الافريقي، ويثبت تواجده النامي في شبه صحراء سيناء.



مصر هي "بيضة القبان" بالنسبة الى الاستراتيجية الامريكية في المنطقة، وهذا ما يفسر حالة الارتباك الراهنة التي نراها في تضارب التصريحات والمواقف الامريكية، والهجمة الدبلوماسية المتمثلة في تغيير السفيرة الامريكية (مدام اندرسون) واستبدالها بالسفير روبرت فورد مفجر الحرب في سورية، وارسال وليم بارنز نائب وزير الخارجية للبحث عن مخارج وتسويات.



امريكا ضخت اكثر من اربعين مليار دولار منذ اتفاقات فك الارتباط في اواخر السبعينات وقبيل توقيع كامب ديفيد عام 1979، ذهب معظمها الى المؤسسة العسكرية بهدف تدجينها واخراجها من الصراع مع اسرائيل، هذه المليارات التي حققت اهدافها على مدى اربعين عاما مرشحة حاليا لاعطاء نتائج عكسية تماما، اي فقدان السيطرة على مصر وانجرافها نحو الفوضى.



الخطأ الكارثي الذي ستندم عليه امريكا واسرائيل في المنطقة العربية فيما هو قادم من ايام، هو تشجيع الجيش المصري على الانقلاب واطاحة حكم ديمقراطي ورئيس منتخب، مع تسليمنا الكامل بالاخطاء القاتلة التي ارتكبها الرئيس مرسي ويضيق المجال لتعدادها، فاستخدام الجيش للقوة لتفريق المعتصمين المسالمين في ميداني النهضة ورابعة العدوية، سيشعل الحرب الاهلية، ويدفع بالمتشددين الى العمل السري المسلح، وعدم استخدام القوة يعني الفوضى وتفاقم حالة عدم الاستقرار، وانهيار هيبة الدولة (او ما تبقى منها) والمؤسسة العسكرية، وهي الهيبة التي ظلت مصانة على مدى قرون.



دول خليجية اعتقدت مخطئة ان وأد الثورة المصرية، ودعم الانقلاب سيشكل انتصارا لها، وتحقيق اهدافها بعدم وصول عملية التغيير الديمقراطي الى داخل حدودها، ولم تتصور مطلقا ان عملية الوأد هذه مستحيلة، وان البديل هو الفوضى.



جديد اعتصامات رابعة العدوية احياء الاسلام السياسي العربي، في السعودية وبعض دول الخليج خاصة، وينعكس هذا بجلاء في وسائل الاتصال الاجتماعي بعد اغلاق القنوات الفضائية الاعلامية الرسمية وشبه الرسمية امام رموزه ودعاته، فهؤلاء باتوا نجوم التويتر والفيسبوك.



قد تكون مليارات النفط ساهمت في تهدئة الغاضبين في الشارع الخليجي، لكنها في الوقت نفسه، وبعد ان ذهب مفعولها، مثل مسكن الآلام، بات الشارع يطالب بالمزيد منها.



الانعاكسات المباشرة لما يحدث في مصر على منطقة الخليج ستظهر في المستقبل القريب، ايا كانت طرق التعاطي مع معتصمي رابعة العدوية ورئيسهم الشرعي المعتقل، بالقوة أو بالحلول السياسية فالإسلام السياسي هو الرابح في الحالين.

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
انشر في تيليجرام
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر

مختارات
شاهد مصانع الارتقاء للبلاستيك - فيديو
صعدة برس - خاص
شاهد بالفيديو.. تفاصيل عملية "فجر الإنتصار" بمأرب
صعدة برس - وكالات
جرائم العدوان السعودي الأمريكي على اليمن خلال 2000 يوم "انفوجرافيك"
صعدة برس-متابعات
ست سنوات على العدوان على اليمن.. خسائر بالجملة
صعدة برس
شاهد.. ابشع مجزرة بحق 34 طفل و10 نساء بمنطقة صبر – صعدة
صعدة برس
ابشع مجزرة يرتكبها طيران العدوان السعودي في اليمن بحق معزين بالصالة الكبرى بصنعاء
صعدة برس
شاهد..جريمة قصف العدوان السعودي الأمريكي مديرية الجراحي جنوب الحديدة
صعدة برس
مشاهد مروعة لمجزرة طيران العدوان السعودي في مدينة يريم بإب
صعدة برس
شاهد..جرائم العدوان السعودي الامريكي في اليمن (حجة)
صعدة برس
شاهد..Saudi Arabia crimes in Yemen جرائم التحالف السعودي في اليمن
صعدة برس
شاهد..جرائم العدوان السعودي الامريكي في اليمن (حجة)
صعدة برس
جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(شبكة صعدة برس الإخبارية)