من نحن  |  الاتصال بنا
آخر الأخبار

 - تمر المملكة العربية السعودية في مرحلة مفصلية من إعادة رسم تحالفاتها في المنطقة، بما في ذلك اليمن، الذي يبدو أن المملكة لم تعد تملك قدرتها المعهودة..

الجمعة, 08-أغسطس-2014
صعدة برس-وكالات -
تمر المملكة العربية السعودية في مرحلة مفصلية من إعادة رسم تحالفاتها في المنطقة، بما في ذلك اليمن، الذي يبدو أن المملكة لم تعد تملك قدرتها المعهودة على فهم تطورات الأحداث فيها، بعدما كانت صانعة لأحداث المشهد والأبطال الذين يؤدون الدور على خشبة مسرح اليمن المألوف جداً لكتاب السيناريو في الرياض.

فقد تغيرت خارطة القوى المؤثرة في اليمن كثيراً عن مشهد ما قبل عام 2011، وفي الوقت نفسه تغيرت خارطة التحالفات السعودية في الداخل اليمني كأبرز الدول ذات التأثير العميق في الشأن اليمني. لا يعني تغير خارطة تحالفاتها أنها أصبحت واضحة وقابلة للقراءة، بل ما زالت ربما خريطة صماء يجري تجديد بياناتها بين وقت وآخر في الرياض على ضوء التطورات المستمرة في صنعاء.

وعلى الرغم مما يجري في اليمن من تحولات مصيرية تحالفية وسياسية حالياً، إلا أن صنعاء وللمرة الأولى، تخلو من سفير للرياض على أراضيها، إذ تكتفي الأخيرة بقائم بأعمال السفير، بعد نقلها لآخر سفرائها في صنعاء إلى وزارة الخارجية في الرياض كمسؤول عن الشأن اليمني، والذي زار صنعاء أخيراً في شكل سري كمبعوث للملك عبد الله بن عبد العزيز للقيام بدور الوسيط بين الرئيسين السابق والحالي، في مسعى للمصالحة بينهما، حسب وسائل إعلامية محلية.

مع سقوط الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، وتحول بوصلة الإخوان عن السعودية بعد عام 2011، افتقدت المملكة أي ذراع قوي يساند سياساتها في اليمن.

وقد ساهم غياب طرف قوي ووحيد في اليمن في إرباك سياسة المملكة تجاه اليمن، إذ اكتفت خلالها ومنذ عقود بدعم مراكز قوى أو أشخاص يسيطرون لصالحها على المشهد اليمني.

ومع ذلك، وفي 8 تموز/يوليو الجاري، قام الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بزيارة مدينة جدة للقاء القيادات السعودية في ظرف يمني حرج للغاية، إذ تزامن مع اشتباكات عنيفة مع الحوثيين في مدينة عمران، ومع أزمة مالية شديدة تعانيها صنعاء، كان من مظاهرها (ولا يزال) انعدام المشتقات النفطية في البلاد لأشهر. وعاد الرئيس عبد ربه منصور هادي ليعلن عن دعم المملكة اللامحدود لليمن، ومن دون أية تفاصيل أخرى.

وعلى الرغم من تداول وسائل إعلامية محلية دعم السعودية لليمن بمئات الملايين من الدولارات، إلا أن مصدراً مطلعاً على تفاصيل اللقاءات أكد لـ"المونيتور" أن "الدعم اقتصر على مشتقات نفطية للأشهر الثلاثة المقبلة، إضافة إلى قناعة سعودية أكبر بإشكالية صالح وإعاقته للعملية الانتقالية.

ويعد الأمران تحولين سعوديين هامين، إذ إن غموض موقف السعودية حتى الآن من الأزمة بين هادي وصالح، صب في مصلحة صالح. أما الدعم الاقتصادي ولو المحدود، فيأتي بعد أشهر على تصريح لسفير السعودية الأسبق في واشنطن الأمير تركي الفيصل، قال فيه: إن "الدعم الاقتصادي السعودي لليمن سيتوقف حتى تستقر الأوضاع هناك".

وفي أي حال، فإن غموض السعودية وجمودها في اليمن قبل ذلك يؤكدان ارتباك السعوديين تجاه اليمن، وإصابتهم بحيرة مزدوجة، حول من سيسيطر مستقبلاً في اليمن ليصبح حليفاً لها. فقد تغيرت طبيعة التحالفات السعودية في اليمن منذ عام 2011، إذ إن اثنين من أقوى حلفائها التاريخيين هما أسرة الشيخ الأحمر واللواء علي محسن الأحمر، هما أكبر خصمين لها أخيراً كجزء من عدائها لتنظيم الإخوان المسلمين وللمرتبطين به.

وعلى الرغم من عدم اتخاذ الرئيس هادي موقفاً حاداً من الدوحة لنيل رضا المملكة، إلا أنه نجح إلى حد ما في كسب رضاها المعلن، وتجميد مساعداتها للأطراف السياسية المناهضة له. وتم ذلك مع ارتفاع الثناء الرئاسي اليمني للملك السعودي في خطاباته الأخيرة، لدرجة ذكره بالاسم 4 مرات في خطابه خلال اجتماع أصدقاء اليمن في نيسان/أبريل المنصرم، مقابل عدم ذكر الثورة الشبابية مثلاً التي اعتادت أن تكون لب خطاباته لأكثر من عامين.

أما التطور المرتبط بالرئيس هادي والسعودية والأكثر إثارة للانتباه خلال الفترة الأخيرة، فهو التقارب المفاجئ الذي حدث بين الرئيس هادي وبعض قادة الحراك الجنوبي ومعارضة الخارج، ممن يتمتعون بعلاقات وثيقة مع السعودية كرئيس الوزراء الأسبق حيدر العطاس. كما أن اللواء ناصر النوبة، وهو أحد أقدم قيادات الحراك الجنوبي، أعلن دعمه للرئيس هادي ومخرجات الحوار الوطني، وذلك لا يمكن حدوثه من دون ضوء أخضر من الرياض، خصوصاً في ما يتعلق بالعطاس.

ما يمكن الخلوص إليه هنا هو أن علاقة الرياض بصنعاء تشهد ركوداً ناتجاً عن غموض مشهد الواقع المؤدي إلى المستقبل. كما أن هناك وللمرة الأولى، موقفاً سعودياً مرتبكاً أو غير واضح في شكل أدق، تجاه ما يجري في اليمن. وللمرة الأولى أيضاً، تقف المملكة من دون حليف واضح وقوي في اليمن، وتخسر تفردها كلاعب وحيد فيها. وقد ساعدت في ذلك التغيرات المتسارعة، وربما غير المتوقعة في المشهد اليمني.

إضافة إلى كل ذلك، فإن المملكة منهمكة في معارك أكثر جيوستراتيجية وأهمية في مصر وسوريا، وفي مواجهتها للمرة الأولى جبهات إقليمية متعددة ومتناقضة ومتجددة، في ظل تذبذب المواقف حيال تطورات الشرق الأوسط إجمالا بين واشنطن والرياض، وذلك للمرة الأولى أيضاً.

وتزامن كل ذلك مع الفراغ الذي تركه رحيل الأمير سلطان بن عبد العزيز، وهو المسؤول عن الملف اليمني لأربعة عقود، في السياسة السعودية تجاه اليمن، كونه كان أحد الأمراء القلائل الملمين بزمام الأمور والأشخاص في اليمن. كما عزز رحيل الأمير نايف لاحقاً هذا الفراغ السعودي تجاه اليمن.

بناء على كل ذلك، فهذه هي المرة الأولى التي ربما يمكن القول فيها أن المملكة تائهة في اليمن، أو شائخة في حسن حالاتها للمرة الأولى بعد عقود من الهيمنة والنفوذ السياسي، بلا منازع.

في رمضان من كل عام، تكاد العاصمة صنعاء تخلو من السياسيين والقادة العسكريين وشيوخ القبائل لسفر غالبيتهم لأداء مناسك العمرة عبر تأشيرات المجاملة، وهي تأشيرات تمنح بصفة خاصة من دون المرور بالإجراءات العادية، وتمنحها المملكة لقادة الدولة والقوى في اليمن. ولكن هذا العام، انخفض في شكل ملحوظ سفر الساسة اليمنيين إلى السعودية، إذ أصبح من السهل رؤية غالبيتهم في صنعاء خلال شهر رمضان، مع توقف تأشيرات المجاملة (كونها عادة ليست فقط عمرة دينية، وإنما أيضاً سياسية) في سفارة الرياض في صنعاء. ويشكل ذلك مؤشراً في غاية الأهمية لفتور العلاقات السعودية – اليمنية، أو على الأقل ركودها الموقت حتى تتضح الرؤى مما يجري، وإعادة بناء علاقة ذات معطيات جديدة خلقها الواقع اليمني الذي تغير كثيراً عن عام 2011، وانتهاء الوجود السعودي في اليمن كقبلة سياسية وحيدة، مقابل تحويل بعض الأطراف قبلتها السياسية إلى قطر أو الإمارات، إضافة الى طهران كقبلة سياسية جديدة في اليمن.

موقع المونيتور

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
انشر في تيليجرام
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر

مختارات
شاهد مصانع الارتقاء للبلاستيك - فيديو
صعدة برس - خاص
شاهد بالفيديو.. تفاصيل عملية "فجر الإنتصار" بمأرب
صعدة برس - وكالات
جرائم العدوان السعودي الأمريكي على اليمن خلال 2000 يوم "انفوجرافيك"
صعدة برس-متابعات
ست سنوات على العدوان على اليمن.. خسائر بالجملة
صعدة برس
شاهد.. ابشع مجزرة بحق 34 طفل و10 نساء بمنطقة صبر – صعدة
صعدة برس
ابشع مجزرة يرتكبها طيران العدوان السعودي في اليمن بحق معزين بالصالة الكبرى بصنعاء
صعدة برس
شاهد..جريمة قصف العدوان السعودي الأمريكي مديرية الجراحي جنوب الحديدة
صعدة برس
مشاهد مروعة لمجزرة طيران العدوان السعودي في مدينة يريم بإب
صعدة برس
شاهد..جرائم العدوان السعودي الامريكي في اليمن (حجة)
صعدة برس
شاهد..Saudi Arabia crimes in Yemen جرائم التحالف السعودي في اليمن
صعدة برس
شاهد..جرائم العدوان السعودي الامريكي في اليمن (حجة)
صعدة برس
جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(شبكة صعدة برس الإخبارية)