من نحن  |  الاتصال بنا
آخر الأخبار

 - الماسونية.. قصة منظمة سريّة من العصور الوسطى..

الخميس, 19-أغسطس-2021
صعدة برس - وكالات -
نقسم الرأي العام بشأن الحركة الماسونية بين مؤيد ومعارض لها؛ مؤيد يؤكد أنها حركة تهدف إلى تطوير المجتمعات والارتقاء بها، ومعارض يعتبر سرية هذه الحركة وغموضها دليل على أنها “خطيرة على المجتمعات” و”تعمل على تحقيق أهداف الصهيونية”.

الماسونية

مازالت الماسونية، بالرغم من قدم نشأتها وسعة انتشارها عالمياً وتغلغلها في المجتمعات، منبوذة في بعض الدول، العربية والإسلامية تحديداً. ففي العام 1979 أصدرت الجامعة العربية قراراً يحمل الرقم 2309 يعتبر “الحركة الماسونية حركة صهيونية وهي تدعم إسرائيل ومجهودها الحربي”. كذلك اعتبرت لجنة الفتوى في الأزهر أن “المسلم لا يمكن أن يكون ماسونياً لأن ذلك يؤدي إلى انسلاخه تدريجياً عن دينه”.

فقد “تورطت المحافل الماسونية المصرية في السياسة، رغم الشعار الماسوني المعروف الذي يحظر على المحافل التدخل في أمور السياسة أو الدين، من أبرزها مناشدتها أهالي فلسطين الهدوء والسلام والعيش المشترك مع اليهود خلال عشرينيات القرن الماضي”.

وفي الإطار نفسه، محفل لندن قاطع محافل فرنسا، بعد إعلان الدولة الفرنسية دولة عَلمانية، أي فصل الدين عن الدولة.

بالرغم مما يُنشر بين الحين والآخر عن انضمام رؤوساء ووزراء وعلماء ومفكرين ومشايخ ومثقفين وفنانين، وغيرهم من أصحاب المناصب الرفيعة والمؤثرة إلى هذه الحركة، مازالت صفة “الماسوني” تهمة وأحياناً خطيرة تلاحق الشخص الذي ينتمي إليها. فما هي الماسونية؟ ولماذا كل هذا اللغط حولها؟

ما هي الماسونية؟

لا يوجد توصيف واحد للماسونية، فاللغط وتضارب الآراء والتأويل، أول ما يلفت انتباه أي باحث. وذلك نظراً للسرية الكبيرة المحاطة بها. فكل ما يُكتب أو ينشر عنها، إما نتاج لأحكام مسبقة، وهي آراء بغالبها لا تستند إلى وقائع حقيقية بقدر ما هي فانتازيا الكتّاب أنفسهم.

حتى الكتب الموثقة من أصحاب الشأن والتجربة، تضيء على جانب من الحقيقة، كبير أو صغير، ولكن ليس كلها. قد يرجع ذلك إلى أن أصحاب تلك الكتب، لهم تجارب غير مكتملة في الحركة الماسونية. أو لأن طبيعة التدرج والانتقال بين درجات الماسونية، لا تتيح معرفة أسرار الدرجة الأعلى لمن هم في درجة أدنى، فكيف بالنسبة إلى أشخاص خارج هذه التجربة كلياً.. بالإضافة إلى أنه “لا ينبغي تسريب أسرار معينة. السر الحقيقي يكمن في تجربة الطقوس. وهذا هو السر المطلق الذي لا يمكن خيانته”. بحسب الخبير في الأيديولوجيات والأديان ماتياس بولمان.

يشير بولمان إلى أنه “في السنوات الأخيرة، صار لدى الناس معرفة أفضل بكثير من قبل عن الماسونية. وأعتقد أن هذا تطور مهم. فبعض المحافل تسمح للناس المشاركة في (يوم المعالم المفتوحة)، وتفتح أبوابها خلال (ليلة المتاحف الطويلة) في برلين”.

كما أن طبيعة الموقف من الماسونية، سلبياً كان أم إيجابياً، بين الماسونيين الذين خرجوا أو استقالوا من محافلهم، يعود إلى طبيعة المحفل الذي كانوا ينتمون إليه. فالمحافل الماسونية ليست واحدة التوجه والأهداف والعمل. تختلف باختلاف الدول التي نشأت فيها، وباختلاف مؤسسي هذه المحافل وخلفياتهم، السياسية والدينية.

تعريف الماسونية

تُعرّف الموسوعة البريطانية الحركة الماسونية بأنها “تعاليم وممارسات النظام الأخوي السري،للرجال فقط من الماسونيين الأحرار والمقبولين. هي أكبر جمعية سريّة في جميع أنحاء العالم. وانتشرت بفضل تقدم الإمبراطورية البريطانية، وظلت أكثر الجمعيات شعبية في الجزر البريطانية، وفي البلدان الأخرى التي كانت موجودة أصلاً داخل الإمبراطورية”.

كما يُعرّف قاموس Toupie الفرنسي الماسونية أنها: “في الأصل، كانت الماسونية أخوية دينية للبنائين الإنكليز في القرن الـ12. يعود اسمها وبعض استخداماتها إلى نقابات البنائين في العصور الوسطى. وأتت الأشكال الأخرى من طقوسها لاحقاً، من طقوس عبادة زرادشت. وظهرت الماسونية الحديثة في القرن الـ17 في بريطانيا العظمى، في اسكتلندا تحديداً، قبل أن تنتشر في أوروبا خلال القرن الـ18”.

مراتب الماسونية

يوجد في الماسونية 3 مراتب وهي: المبتدىء، والزميل أو المُرافِق، والخبير أو المعلم البنّاء.

من غير المعروف تحديداً شروط وكيفية الانتقال من مرتبة إلى أخرى. ما هو معروف طقوس قبول العضو كمبتدىء في أي محفل ماسوني.

من تلك الطقوس وضع عصابة على عيني العضو أثناء أدائه لليمين. ويفسر الماسونيون وضع عصابة، على أنها ترمز إلى الجهل أو الظلام الذي كان فيه الشخص قبل اكتشافه لحقيقة نفسه عن طريق الماسونية. وإن هذه العصابة سترفع عندما يصبح المبتدئ الذي أدى القسم مستعداً لاستقبال الضياء.

وبالنسبة للحبل المستخدم أثناء تأدية قسم العضوية، فيفسره الماسونيون كرمز للحبل السري الذي يعتبر ضرورياً لبدء الحياة، لكنه يقطع أو يستبدل بعد القسم بمفاهيم الحب والعناية التي تعتبر ضرورية لإدامة الحياة.

يتدرج الماسوني على سلم يتألف من 33 درجة. البعض ينفي وجود هذه الدرجات لكن الوثائق بغالبيتها الساحقة تثبت وجودها.

مؤسس الماسونية

ليس هناك ما يشير إلى مؤسس الماسونية، ولا يوجد حتى الآن وثائق، قديمة أو جديدة، تتحدث عن شخص واحد مؤسس للماسونية، بما في ذلك الكتب والمراجع المتوفرة.

يقول الكاتب والمؤرخ اللبناني جرجي زيدان الذي كان ماسونياً، في كتابه “تاريخ الماسونية العام” إن “مهد هذه الجمعية رومية (روما)، وأول اجتماع التأم تحت اسم البناية (البناؤون) كان في العام 715 ق.م، بأمر نوما بومبيليوس وتحت عنايته (..) فبعد موت بانيها “روملس” أصبحت في احتياج لمن يحكم فيها وينظم أحوالها، (..) وأقرّ السراة ورجال الدولة على أن يختاروا لهم ملكاً من غير أبناء ملتهم، وأن يكون صابنيّاً (من إيطاليا) فأقر الرومانيون على انتخابه (بومبيليوس) ليحكم فيهم (..) وكان هذا الملك يعتقد بإله واحد واجب الوجود غير متغير وغير منظور، ولا ريب أنه كان عضواً في إحدى الجمعيات السرية المقدسة في ذلك العهد، لأن مثل هذا الاعتقاد كان معدوداً من التعاليم السريّة لا يباح به إلا لمن يستحقه (..) كان من المتعمقين في تلك الأسرار، ولعله كان من الكهنة العظام”.

ما المراجع الأخرى فتتحدث عن نشأة الماسونية. فكيف نشأت؟

نشأة الماسونية

في نشأتها كما في توصيفها وتعريفها، لا يوجد كثير توافق. وهنا نعرض على القارىء بعض المراجع المعتمدة التي تتحدث عن النشأة وأسباب غياب أي توثيق لها.

من الروايات المعروفة عن نشأة الماسونية، يوردها الكاتب الماسوني “بات مورغان” في كتابه “أسرار الماسونيين الأحرار”، والكاتبان الماسونيان “جون هاميل” و”روبرت غيلبرت” في كتابهما الموسوعي “الحركة الماسونية: احتفال بالصنعة”. ويؤكدون أن الماسونية هي امتداد لتنظيم عسكري “منقرض” كان يعرف باسم “فرسان الهيكل” ظهر في نهاية الحملة الصليبية الأولى (1095-1099) على المشرق العربي.

أما زيدان فيشرح في كتابه السابق ذكره، اللغط حول نشأة الماسونية وأسبابه، ونقتبس هذه الفقرة التي قال فيها:

“للمؤرخين في منشأ هذه الجمعية أقوال متضاربة، فمن قائل بحداثتها، فهي على قوله لم تدرك ما وراء القرن الثامن عشر بعد الميلاد، ومنهم من سار بها إلى ما وراء ذلك، فقال إنها نشأت من جمعية الصليب الوردي التي تأسست سنة 1616ب.م. ومنهم من أوصلها إلى الحروب الصليبية. وآخرون تتبعوها إلى أيام اليونان من الجيل الثامن قبل الميلاد، ومنهم من قال إنها نشأت في هيكل سليمان، وفئة تقول إن منشأ هذه الجمعية أقدم من ذلك كثيراً، فأوصلوها إلى الكهانة المصرية والهندية وغيرها. وبالغ آخرون في أن مؤسسها آدم، والأبلغ من ذلك قول بعضهم إن الله سبحانه وتعالى أسسها في جنة عدن، وإن الجنة كانت أول محفل ماسوني، وميخائيل رئيس الملائكة كان أول أستاذ أعظم فيه. إلى غير ذلك من الأقوال المبنية على مجرد الوهم”.

يشرح زيدان بأن “السبب في تفاوت هذه الأقوال وتضاربها طموس التاريخ الماسوني قبل القرون المتأخرة؛ لأن الماسونية كما لا يخفى هي جمعية سرية، ونظراً لما كان يتهددها من الاضطهادات المتواترة (..) كانت تبالغ في إخفاء أوراقها إخفاءً، ربما لا يعود يتيسر معه لمن يبقى حيّاً بعد الاضطهاد أن يكتشفها، هذا إذا لم يعثر عليها المضطهدون ويعدموها حرقاً. ولكنهم نهضوا مؤخراً إلى جمع تاريخ هذه الجمعية، فعثروا على أوراق قديمة العهد أمكنهم الاستدلال منها ومن غيرها – مع ما هو محفوظ في أعمالها الحاضرة من التقاليد – أن يتوصلوا على سبُل مختلفة إلى إتمامه، على أنهم مع ذلك لا يزالون في تضارب من حيث منشئها على ما تقدم”.

أما الموسوعة البريطانية فتُعيد “نشأة الماسونية إلى النقابات التي شكلها البناؤون عندما تولوا بناء القلاع والكاتدرائيات في العصور الوسطى. وعندما تراجع بناء الكاتدرائيات كثيراً، بدأت بعض محافل البنائين العاملين في قبول أعضاء فخريين، لوقف تراجع الإقبال على عضويتها، بسبب تراجع عمليات البناء، ومن هذه المحافل، نشأت الماسونية الحديثة الرمزية والنظرية، غير المرتبطة بحرفة البناء”.

خلال القرنين الـ17 والـ18، بدأت المحافل الماسونية بتبني تقاليد الطرق الدينية القديمة والأخوة والفروسية. وفي العام 1717، تأسس المحفل الأكبر بشكل رسمي في لندن، كرابطة تضم جميع المحافل في إنكلترا، ثم انتقلت بعد ذلك إلى بلدان أخرى.

لماذا السرية والغموض؟

موضوع السرية والغموض لا يقتصر على الحركة الماسونية ولم يبدأ معها، فالسرية من أساس عمل بعض الأحزاب والجمعيات حتى من قبل نشأة الماسونية. ويمتد هذا الأمر إلى بعض الطوائف الدينية التي حتى الآن من غير الممكن لمن هو خارج هذه الطوائف معرفة طقوسها وشعائرها، لا بل بعضها يحرّم على أبناء الطائفة نفسها، من غير الملتزمين دينياً، معرفة أسرارها.

أما بالنسبة للجمعيات السرية التي سبقت الماسونية، فهي كما وردت في الكتاب نفسه للكاتب والمؤرح جرجي زيدان:

الكهانة المصرية

يستفاد من المصادر التاريخية القديمة أنه كان في مصر عند تمدنها جمعية تدعى “جمعية إيزيس السرية”، وكانت ذائعة الصيت في سائر أنحاء العالم، وكان يقصدها الطالبون من أنحاء شتى، ولم يكن يُقبَل فيها إلا مَن عُلم عنه – بعد التحري التام والشهادات الحسنة – أنه أهل لنوال تلك “الأسرار الثمينة”.

مجمع “الإلوسينيا”

نشأ في تراسيا (اليوم بلغاريا وروملي) نحو الجيل الرابع عشر قبل المسيح، أسسها تلاميذ أورفيوس التراسي بعد موته، وكان من عائلة ملوكية تلقى العلم في الجمعية الإيزيسية السرية في مصر (..) وقد اشتهر هذا المجمع في تلك الأعصر بالعلم والصناعة والفلسفة على أنواعها، وكانت تُلقَّن فيه العلوم سراً، ولم يكن يُقبَل في سلك هذا المجمع إلا المنتخبون والذين يُجمع على أنهم لائقون.

مجمع “الكبراء”

يظهر أن منشأ هذا المجمع قديم العهد جداً، وتعاليمه كانت منتشرة في سائر المدن القديمة كفينيقيا والهند ومصر وسوريا واليونان وغيرها، حتى قيل إنها أصل لجميع تعاليم المجامع السرية القديمة في العالم، ولا يجتمعون إلا ليلاً.

تعاليم فيثاغورس

خذ فيثاغورس العلم عن الكهنة المصريين في الجمعية الإيزيسية السرية، ومن سحرة وعلماء الكلدانيين، ومن جمعية الكبراء في فينيقيا، وتعاليم الإسكندينافيين وجمعياتهم السرية. ثم عاد إلى وطنه ساموس، ونظم مجمعاً لتعليم العلوم والآداب التي اكتسبها في تلك السياحة الطويلة، وجعل طريقة تعليمه على مثال سائر المجامع، سرية وشاقة.

جماعة الهرمنداد

جماعة “الهرمنداد” في إسبانيا، التي نشأت في كستيل وليون في العام 1295 بعد الميلاد، وكانت غايتها التعاون على اتقاء مظالم الحكام في ذلك العهد ومقاومة التعسف والعتو. وكانت وثيقة الارتباط بين أعضائها أن يدافعوا بعضهم عن بعض ما استطاعوا.

ويعتبر زيدان أن أمثال هذه الجمعيات السرية كانت في مقدمة كل تمدن قديم وحديث. وهذا لأهميتها وحاجة المجتمعات إليها. وأن انتشار العلم والفضيلة عن طريق الجمعيات السرية أمر طبيعي، فالبشر منقادون إليه بالفطرة.

كما يُعتقد بأن الماسونية هي امتداد لإحدى تلك الجمعيات السرية.

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
انشر في تيليجرام
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر

مختارات
شاهد مصانع الارتقاء للبلاستيك - فيديو
صعدة برس - خاص
شاهد بالفيديو.. تفاصيل عملية "فجر الإنتصار" بمأرب
صعدة برس - وكالات
جرائم العدوان السعودي الأمريكي على اليمن خلال 2000 يوم "انفوجرافيك"
صعدة برس-متابعات
ست سنوات على العدوان على اليمن.. خسائر بالجملة
صعدة برس
شاهد.. ابشع مجزرة بحق 34 طفل و10 نساء بمنطقة صبر – صعدة
صعدة برس
ابشع مجزرة يرتكبها طيران العدوان السعودي في اليمن بحق معزين بالصالة الكبرى بصنعاء
صعدة برس
شاهد..جريمة قصف العدوان السعودي الأمريكي مديرية الجراحي جنوب الحديدة
صعدة برس
مشاهد مروعة لمجزرة طيران العدوان السعودي في مدينة يريم بإب
صعدة برس
شاهد..جرائم العدوان السعودي الامريكي في اليمن (حجة)
صعدة برس
شاهد..Saudi Arabia crimes in Yemen جرائم التحالف السعودي في اليمن
صعدة برس
شاهد..جرائم العدوان السعودي الامريكي في اليمن (حجة)
صعدة برس
جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(شبكة صعدة برس الإخبارية)