من نحن  |  الاتصال بنا
آخر الأخبار

 - سيناريوهات لنتائج الحوار اليمني

السبت, 08-ديسمبر-2012
صعدة برس -
بقلم/ الدكتور عمر عبد العزيز
من المعروف أن الآليات الزمنية في المبادرة الخليجية الخاصة بالشأن اليمني، تضمنت محطة مركزية هي محطة الحوار الوطني الشامل، بمشاركة فرقاء الساحة اليمنية المتوافقين على المبادرة من جهة، وفرقاء الساحة الذين اكتسبوا شرعية حضورهم في المعطى السياسي اليمني من خلال الانتفاضة الجماهيرية الملحمية المشهودة، التي أفضت إلى الانتقال السلمي للسلطة من خلال تلك المبادرة الصبورة لدول مجلس التعاون، والتنازلات الشجاعة للمختلفين في الداخل اليمني، والتوقيع الناجز عليها في العاصمة السعودية الرياض، ثم ما تلا ذلك من انتخاب رئيس توافقي للجمهورية خلال المرحلة الانتقالية التي مدتها سنتان.

الآن تنصب المحطة المفصلية الأكثر ثقلاً وجوهرية، وهي محطة الحوار الوطني الشامل. سقف الحوار المفتوح لكل الأطراف، يتضمن إصراراً حكيماً على سد الذرائع، واستيعاباً مفاهيمياً عاقلاً لضرورة فتح كافة الملفات دون تحفظ أو مناورة، ومن هنا، نستطيع الخروج بسيناريوهات افتراضية للاحتمالات.
ومن هذه السيناريوهات، وأكثرها تفاؤلاً، ذلك المتعلق بقبول كافة الأطراف للمشاركة، على قاعدة حسن النية وتقدير ما تم إنجازه حتى الآن، والحرص على مبدأ الشراكة الوطنية في تعزيز فرص المستقبل.
وفي المقابل، هنالك من يرى بعض الأولويات، وخاصة المطالبة بتغيير قيادات عسكرية بذاتها، كما لو أن هذه التغييرات تضمن المعنى الكامل لإعادة الهيكلة للجيش والأمن.
وفي تقديري الشخصي أن إعادة الهيكلة الشاملة للمؤسسات العسكرية الأمنية مشروع عمل بعيد المدى، ويتطلب رؤية واضحة وتدابير متدرجة، دونما تفريط في الهدف الأساسي الرائي لجيش ومؤسسة عسكرية وأمنية وطنية تجسد معنى المشاركة، وتخضع للقرار السياسي، ويكون ولاؤها الحاسم لذلك القرار، مع استيعاب ضمني للإجراءات الجزئية على درب الهدف. والسيناريو الثالث الافتراضي، يتعلق ببعض القوى الخفائية القابعة في دياجير الظلام، وهؤلاء سيسعون بكل السبل لإفشال الحوار وخلط الأوراق، لأنهم لا يستطيعون التنفس في المياه النقية الصافية، مثلهم مثل أسماك المستنقعات الآسنة، التي تموت حال خروجها من تلك البيئة المترعة بالوساخات والروائح الكريهة.
لكن هذا السيناريو الأخير أتوقع له الفشل الذريع، فهؤلاء بالذات لم يتمكنوا من حرف الانتفاضة الشعبية السلمية عن مسارها، ولم يتمكنوا تباعاً من تسويق سلسة الأعمال التخريبية التي تراجعت أمام صبر الصابرين، وإرادة الرائين للمستقبل.
هذه الاستنتاجات لا تعني بحال من الأحوال أن الحوار سيمضي بطريقة ناعمة، ودون مصاعب ومتاعب، لكن ضمان الآلية الكفيلة بامتصاص تلك المتاعب، وتدوير المشاركة، والمناورة العاقلة المرنة المتخلية عن المسميات الشكلية، والناظرة للأهداف الجوهرية..
مثل هذه الرؤى والتدابير ستضمن إلى حد كبير السير قدماً في اتجاه المنجز الأكبر في معادلة التغيير، وهو منجز لم ولن يأتي من فراغ، بل سيكون ترجماناً ناجزاً لما سبق، وتحديداً التوافق الوطني النابع من الشرعية الدستورية السابقة على المبادرة الخليجية، وتشكيل حكومة الوفاق الوطني، رغماً عن الريبة والشكوك المتبادلة، والسير قدماً نحو قانوني الحصانة والعدالة الانتقالية، بوصفهما وجهين لعملة واحدة، وتشكيل اللجنة العسكرية العليا المشتركة، بوصفها الإطار المعني بإزالة آثار التصادمات السابقة، وأخيراً مشاركة الحراك الجنوبي والحوثيين، بوصفهما التعبير الأكثر تراجيدية عن حالتي الجنوب وصعدة المجيرتين على إخفاقات وسوء تقدير النظام السابق.
ومن البديهي أن يكون تمثيل المرأة بنسبة معلومة، ومشاركة ممثلي منظمات المجتمع المدني، بمثابة إشارة حاسمة لخيار الدولة العصرية الحديثة، التي ترى في المواطنة القانونية الناجزة تعبيراً عن الهوية، والمشاركة الأفقية تعبيراً عن خيار النظام الاتحادي اللامركزي الذي يشمل عموم الوطن بتعظيم الأفضليات، فيما يسمح بتنوع النظم والقوانين وفق القابليات والخصوصيات الثقافية العامة لمختلف الأقاليم، مع تنظيم ناجز وشامل لتكاملية العلاقة بين المحلي والاتحادي، بحيث تتحول المحليات إلى روافد مؤكدة للدولة المركزية، وتصبح الدولة المركزية راعية أمينة للثراء الأفقي في أقاليم اليمن الجغرافية، النابعة من عبقرية التنوع والتكامل معاً.
بين الآمال والمتاعب مسافات مؤكدة، لكن.. مع كل خطوة في اتجاه الآمال والأماني تتقلص الفجوة بين المستويين، وإذا ما تقلصت الفجوة بين حقوق المواطنين ومظالم الماضي، فإن الوئام والمحبة والتكامل ستمثل النسيج الناظم لليمن الكبير المتنوع والمزدهر.
بهذه المناسبة، أود استرجاع واقعة تاريخية ذات مغزى عميق، ففي خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ارتأى ممثله في مصر عمرو بن العاص رضي الله عنه، تخصيص مبالغ مالية كبيرة لبناء قلاع وحصون ومصدات ضخمة، تحسباً لهجوم روماني محتمل، فجاء رد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب صاعقاً.. قال له: حصن مدينتك بالعدل يا عمرو. وإذا تحقق العدل في اليمن، ستتبخر كل الظواهر الماثلة، كما لو أنها سراب قادم من العدم.
نقلا عن صحيفة البيان الاماراتية

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
انشر في تيليجرام
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر

مختارات
شاهد مصانع الارتقاء للبلاستيك - فيديو
صعدة برس - خاص
شاهد بالفيديو.. تفاصيل عملية "فجر الإنتصار" بمأرب
صعدة برس - وكالات
جرائم العدوان السعودي الأمريكي على اليمن خلال 2000 يوم "انفوجرافيك"
صعدة برس-متابعات
ست سنوات على العدوان على اليمن.. خسائر بالجملة
صعدة برس
شاهد.. ابشع مجزرة بحق 34 طفل و10 نساء بمنطقة صبر – صعدة
صعدة برس
ابشع مجزرة يرتكبها طيران العدوان السعودي في اليمن بحق معزين بالصالة الكبرى بصنعاء
صعدة برس
شاهد..جريمة قصف العدوان السعودي الأمريكي مديرية الجراحي جنوب الحديدة
صعدة برس
مشاهد مروعة لمجزرة طيران العدوان السعودي في مدينة يريم بإب
صعدة برس
شاهد..جرائم العدوان السعودي الامريكي في اليمن (حجة)
صعدة برس
شاهد..Saudi Arabia crimes in Yemen جرائم التحالف السعودي في اليمن
صعدة برس
شاهد..جرائم العدوان السعودي الامريكي في اليمن (حجة)
صعدة برس
جميع حقوق النشر محفوظة 2024 لـ(شبكة صعدة برس الإخبارية)