- ليس من طبائع الشهامة يا مراد

الجمعة, 29-نوفمبر-2013
صعدة برس -
+فكري قاسم
صرنا نعيش الآن في عصر الأخطف نت والحمد لله.
واحد يخطف طائرة، وواحد يخطف سائحا، وآخر يخطف لقمة موظفيه، وثالث يخطف دولة، ورابع –مثلي تماما- يخطف رجله ويهرب!

والآن دخل الأسبوع الثاني ولا يزال خاطفو الشاب "محمد" 22 سنة، نجل رجل الأعمال "منير أحمد هائل" يفاوضون بيت هائل على مبلغ 500 مليون ريال سعودي فدية لإطلاق سراحه!

أضحكتني فكرة المفاوضات بالعملة الصعبة، ويبدو أن الخاطفين، قبل أن ينفذوا فعلتهم تلك كانوا -قبلها- قد أدوا شعائر العمرة –مثلا- وعادوا إلى أرض الوطن خاشعين ومبتهلين، ونبعوا دايركت إلى فوق بيت هائل، وبسم الله عدوا "500 مليون ريال سعودي" ؟!

في اعتقادي حتى لوخطفوا "الملك عبدالله" بكله، ما كانوا ليتجرأوا ويطلبوا مثل هذا المبلغ لتحرير مخطوف كل ذنبه أنه ابن رجل مسالم ومهذب ومحترم أكثر مما تتصور أذهانهم.

انسوا أن بيت هائل من ذوي البلايين. لمحمد منير "أم" موجوعة ولا تفكر أن تستعين بأحد –لاسترداد طفلها– إذ تبدو –فقط- مستعينة بالله، وبخيرها الـذي يذهب -بصمت- إلى كثير من الأسر الفقيرة كما هي عادة غالبية بيوت هذه الأسرة. ولمحمد أيضا "أب" كنت -للأمانة- إلى ما قبل سنتين تقريبا أظنه "أعجم" إذ لا تسمع لهذا الرجل أي صوت غير: أي خدمات، مصحوبة بابتسامة ذاك القروي المتواضع، ووداعة ذاك الإنسان الذي لم يلطخه شيء من برستيج العصر.

أعرف جيدا –ومثلي كثر- أن لسان حال الخاطفين -كما لسان حال شخوص كثر ممن يتواطؤون مع القبح- يقول: من ظهرهم حلال "يا ضاك ".

لكن إذا ما عرفنا أن هذا الظهر المغري للابتزاز، هو بالنسبة إلى عشرات الآلاف من الأسر الفقيرة، ظهرهم الوفير أيضا، وسندهم عند المحن، فإنه سيتعين على أبناء قبيلة مراد –بالتالي- أن لا يسمحوا أو يتواطأوا مع مثل هذه الأفعال التي لن تؤذي بيت هائل أو غيرهم، أكثر من كونها مهمة وضيعة تؤذي صورة الرجل الشجاع الذي تكون في مخيالنا الشعبي عن رجالات "مراد".

في حقيقة الأمر إن اختطاف إنسان –أي إنسان- لم يحمل ولو لمرة واحدة في حياته السلاح في وجه أحد من أبناء مراد أو في وجه غيرهم، هو في الأساس فعل يهين طبائع الشهامة والرجولة التي يتمتع بها -في خيالنا الشعبي- أبناء ومشايخ قبيلة مراد. وأي مبلغ مطلوب كفدية لن يدع أحدا في بيت هائل يرهن بصيرة البيت أو المصنع، لكنه بالتالي لن يدع أحدا آخر -من أفراد هذه العائلة المسالمة والمتمدنة- يرتاح في بيته لاحقا.

بالتأكيد أبناء وأحفاد المرحوم هائل سعيد، ليسوا ملائكة، ولا هم شياطين. حتى لو تم اختطاف "علي محمد سعيد" بكله، فإنك لن تسمع من أحدهم –وهو في قمة سخطه- غير كلمة : أيش هذا ياخي، بلد فوضى. ثم سيواصلون –وسط – الفوضى ذاتها -مهامهم كمجموعة تجارية متحضرة، مؤمنين بقناعة واحدة: ما جاء من عندالله حيا به.

[email protected]

*اليمن اليوم
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 05-مايو-2024 الساعة: 02:42 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-16903.htm