- جامع الصالح في صنعاء باليمن

الخميس, 13-نوفمبر-2008
صعدة برس -
دعا الباحث في شئون الفكر الإسلامي علي حامد ربيع الدعاة والخطباء والمرشدين والتربويين- في اليمن عموماً ومحافظة صعدة على وجه الخصوص- إلى التزام الوسطية منهجاً في كل تحركاتهم وسلوكياتهم، لاسيما ما يخص منها التعامل مع الغير، سواءً ما جرت به العادة، أو تطلبته‮ ‬الوظيفة،‮ ‬أو‮ ‬كان‮ ‬غير‮ ‬ذلك‮ ‬من‮ ‬مختلف‮ ‬شئون‮ ‬المعاملات‮ ‬الإنسانية‮ ‬الشاملة‮..

وقال في حديث لـصعدة برس: آمل من كل داعية من أبناء المحافظة وسواها أن يجعل الوسطية منهجاً إذا أراد نتائج ايجابية.. منوهاً إلى أن من اتخذ منهجاً غير الوسطية فإنه يقتل فكرته التي يريد إيصالها إلى الغير، ذلك أن العنف لا يولد إلاّ عنفاً، والتطرف لا يثمر إلاّ الشطط والغلو‮ ‬والحيف‮..‬

كيف‮ ‬يكون‮ ‬المربيّ؟

كما ناشد الباحث علي ربيع المعلمين في مختلف صروح العلم- والذي أصرّ على تسميتهم بالمربين- إلى اتخاذ الوسطية كذلك منهجاً مع طلابهم، مشيراً إلى أن الحالة الأقوم والطريقة الأمثل في التربية هي اللين واللطف، ومحذراً من الممارسات الدكتاتورية في التعليم، التي اعتبر‮ ‬أن‮ ‬ما‮ ‬ينتج‮ ‬عنها‮ ‬ليس‮ ‬إلاّ‮ ‬طمس‮ ‬شخصية‮ ‬الطالب‮..‬
ومتسائلا في الوقت نفسه: إذا كان المقصد الأمثل للتربية والتعليم هو الرقي بشخصية الطالب إلى مراتب رفيعة من النضج والإحساس بالمسئولية وأداء الواجب.. فكيف يتأتى هذا مع ما عليه الكثير من المعلمين والمربين من دكتاتورية وغلضة؟!

اختيار‮ ‬الأفضل

وعن التأصيل للوسطية- هذا المنهج الذي تلح على انتهاجه، أكثر من أي وقت مضى، الكثير من التداعيات الاجتماعية، المحلية والدولية- يذهب علي حامد ربيع إلى أصول التشريع مؤكداً صدور هذا المنهج عنها واستمداده منها.. إذ يقول: يتحتم علينا أن تكون الوسطية شعارنا، فقد قال‮ ‬النبي‮ ‬صلى‮ ‬الله‮ ‬عليه‮ ‬وسلم‮ »‬خير‮ ‬الأمور‮ ‬أوسطها‮«‬،‮ ‬فالوسطية‮- ‬إذاً‮- ‬تعني‮ ‬الخيرية‮ ‬الأفضلية،‮ ‬في‮ ‬جميع‮ ‬مناحي‮ ‬الحياة،‮ ‬فلا‮ ‬إفراط‮ ‬ولا‮ ‬تفريط،‮ ‬ولا‮ ‬غلو‮ ‬ولا تطرف،‮ ‬ولا‮ ‬دكتاتورية‮ ‬ولا‮ ‬تنصل‮ ‬عن‮ ‬المسئولية‮..‬
ويضيف‮: ‬إن‮ ‬أيّ‮ ‬أمرٍ‮ ‬إذا‮ ‬جاوز‮ ‬حدّه‮ ‬انقلب‮ ‬إلى‮ ‬ضده،‮ ‬فلا‮ ‬ورع‮ ‬يؤدي‮ ‬إلى‮ ‬كبت‮ ‬الغرائز‮ ‬الفطرية،‮ ‬ولا‮ ‬وثوباً‮ ‬إلى‮ ‬الشهوات‮ ‬يؤءي‮ ‬إلى‮ ‬الحيوانية‮..‬

بين‮ ‬رذيلتين

لقد اعتبر علي حامد ربيع- وهو يقدم مفهوماً توضيحياً للوسطية- أنها حالة فاصلة بين قبيحين أو رذيلتين أو اتجاهين خاطئين منحرفين.. مؤكداً أن هذه الحالة بوصفها امتيازاً خيرياً وعدلياً وحقانياً لا يصل إليها ويحرزها إلاّ من علم أن الوسطية منهج أنزله الذي يعلم أغوار‮ ‬النفس‮ ‬البشرية،‮ ‬وهو‮ ‬الله‮ ‬سبحانه‮ ‬وتعالى‮ ‬الذي‮ ‬قال‮: »‬ولقد‮ ‬جئناهم‮ ‬بكتاب‮ ‬فصلنه‮ ‬على‮ ‬علم‮« (‬52‮-‬الأعراف‮).‬
ويقول‮ ‬ضارباً‮ ‬أمثلة‮ ‬توضيحية‮: ‬فمثلاً‮ ‬الكرم‮.. ‬فإنه‮ ‬خلق‮ ‬عظيم‮ ‬يقع‮ ‬بين‮ ‬رذيلتي‮ (‬الشح‮- ‬الإسراف‮)‬،‮ ‬والشجاعة‮ ‬بين‮ (‬الجبن‮ ‬والتهور‮)‬،‮ ‬وكذلك‮ ‬اللطف‮ ‬فضيلة‮ ‬أيضاً‮ ‬تقع‮ ‬بين‮ (‬العنف‮ ‬والإهمال‮)..‬

في‮ ‬الدين‮ ‬والدنيا

إن المنهج الرباني- يتابع علي ربيع- يحثنا على التزام الوسطية في جميع مناحي الحياة، لأنها الوسيلة الأمثل لتحقيق الأهداف النبيلة وإنتاج الثمرة الطيبة، فقد قال عز وجل: »إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم..« (9- الإسراء).. منوهاً إلى أنه حتى في طريقة أداء الصلاة فلابد من الوسطية، وفي القرآن الكريم: »ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً« (110- الإسراء)، وكذلك الحال بالنسبة للتعايش مع الناس والتعامل معهم فإن الوسطية هي ما يؤكد عليه القرآن الكريم إذ يقول تعالى: »ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً..« وذلك من أجل بناء شخصية معتدلة متزنة، فلا خنوع ولا تكبر.. وأيضاً في حالة الإنفاق كذلك فإن القرآن يؤكد على الوسطية.. إذ يقول تعالى: »ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً) (29- الإسراء)..
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 02-مايو-2024 الساعة: 02:57 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-18.htm