- التحدي

الخميس, 11-ديسمبر-2014
صعدة برس -
أحمد الحسني
قلنا إن الساخطين على وفاق الإصلاح مع أنصار الله كثيرون من داخل الحزب وخارجه والتحدي الذي يواجه عقلاء الإصلاح الجادين في تنفيذه هو إقناع أعضاء الحزب وأنصاره بالالتفاف حول خيار السلام سيتحتم على الإصلاح وهو يمضي قدماً في هذا الخيار أن يخسر بعض الساخطين لكن ذلك أفضل له من خسارة عقلائه بالنكوص دون مقابل.
بديهية لا تحتاج قدرات خاصة لإدراكها، كما أن خيار السلام أمر يتسق مع الفطرة والعقل والسياسة وسنن الحياة، ولا يستدعي الاتفاق عليه إثارة كل هذا الجدل، لكن ما يجعله تحدياً بالنسبة للإصلاح دون غيره وشاقاً أيضاً هو أن القيادات التي اتخذت قرار المصالحة تنتمي إلى تيار الحمائم أو من يمكن التجوز في تسميتهم بليبراليي الحزب الذي ظلت سلطة القرار داخله حكراً على الصقور من العقائديين والعسكريين ومراكز النفوذ القبلي منذ كانت الحركة في أطوارها الأولى، تتشكل تحت مظلة السلطة كمعادل موضوعي لليسار الذي يحكم جنوب الوطن ويحاول التمدد شمالاً على خطوط التماس بين الشيوعية والرأسمالية، وكان من الطبيعي أن تستمر هذه الهيمنة في حزب يقوم على المنهج الدعوي لا المشروع السياسي، ويعتمد على ألوية الفرقة المدرعة في حمايته بدلاً من الدستور، ويبحث عن السلطة في بندقية القبلي أكثر من صوته الانتخابي.
لقد منحت أحداث الحادي عشر من سبتمبر تيار الليبراليين صوتاً أعلى مقابل العقائديين مكنهم من دخول الكثير من السفارات الغربية ممثلين للوسطية الإسلامية وسهل للحزب التحالف مع أحزاب اليسار والقوميين في مجلس التنسيق الأعلى للمعارضة، وإقامة تكتل اللقاء المشترك، لكنه لم يكن من القوة بما يكفي لأن يكون مسموعاً وكافياً لاتخاذ قرار دون وسيط من قيادة التيار العسكري أو مراكز النفوذ القبلي أو قادراً على استخدام عبارة (صلح الحديبية) في تبرير القرارات لكوادر الحزب و الحصول على الطاعة العمياء في تنفيذها دون وسيط من تيار العقائديين.
ارتفع صوت الليبراليين بما يكفي للانضواء في المشترك ولم يضعف العقائديون إلى درجة العجز عن اغتيال جار الله عمر في المؤتمر العام للحزب، لقد تركزت أكثر سلطة اتخاذ القرار داخل الإصلاح في أيدي القيادة العسكرية والقبلية، وفرضت الطبيعة الدعوية للحزب السياسي والتبعية الحركية للمركز الخارجي أن يحتفظ العقائديون بقوة توجيه البندقية المقدسة واستدرار المال الخيري.. واقتصر دور التيار الليبرالي على تمثيل مصالح هذا الثالوث في الساحة السياسية باسم التجمع اليمني للإصلاح ورفد جبهات صراعاته المسلحة بكوادر الحزب وأنصاره.
ربما اكتشف الليبراليون داخل الإصلاح بعد تهاوي هذا الثالوث المريع وفرار رموزه أنه لم يكن قوة لحزبهم وإنما عبئاً على كاهله، فاتخذوا قرار الذهاب إلى صعدة والتصالح مع أنصار الله، ربما كانوا يدركون ذلك لكنهم كما أسلفنا لا يملكون القدرة على اتخاذ القرار، أياً يكن فمن المؤكد أن اتخاذهم قرار طي صفحة الماضي هو ثورة داخلية على مألوف وموروث ربع قرن من عمر حزب عقائدي. وإيجاد أرضية جماهيرية لهذا التحول في قواعده وأنصاره هو تحد يضاعف مشقته، حجم التضليل الإعلامي الذي تلقته قواعد الحزب عن سير المعارك وقدسيتها وشيطنة الخصم، وكل ما يمت ومن يمت إليه بصلة، خصوصاً وأن هذا التضليل لا يزال مستمراً عند الساخطين على السلام داخل الحزب وخارجه، وعند الصامتين أيضاً.
لقد فرّ علي محسن وحميد الأحمر وسكت الزنداني لكن هذا لا يعني أن الآذان قد أصبحت مهيأة لتصغي تماماً لزيد الشامي أو ألفت الدبعي أو عبدالوهاب الآنسي.
لا يزال إرث الفجور في الخصومة ودوي تفجيرات القاعدة وأصوات أمثال العديني والحزمي وأضرابهم تملأ الكثير من الأسماع، لكن إخلاص العقلاء داخل التجمع اليمني للإصلاح ونشدد الإخلاص سيؤدي في النهاية إلى إنقاذ حزبهم أو إنقاذهم منه.
اليمن اليوم
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 06-مايو-2024 الساعة: 07:47 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-22997.htm