- تعرف على "فاراناسي" المدينة التي يقصدها الناس كي يموتو..

الثلاثاء, 02-يوليو-2019
صعدة برس - متابعات -
"أقدم من التاريخ، وأقدم من التقاليد، وحتى أقدم من الأساطير".. هكذا وصف الروائي الأمريكي الشهير مارك توين، "فاراناسي" أو "مدينة المعابد".. التي تقع على ضفاف نهر "الجانج" المقدس، وتعتبر من أقدم المدن المأهولة بالسكان في العالم، ويأتي إلى "فاراناسي" مئات الأشخاص كل عام يسكنون فيها لغرض واحد فقط هو "انتظار الموت"، فلماذا يأتي الناس من الأنحاء طلبا للموت في تلك المدينة؟

مدينة الخلاص

يؤمن الهندوس بأن مدينة فاراناسي هي المدينة الأكثر قدسية على وجه الأرض، ويعتقدون بأن أمراء "باندافا" الخمسة، وفقا لملحمة "ماهابهاراتا" الهندية القديمة، سافروا إلى كاشي، التي تعرف باسم فاراناسي، بعد انتصارهم في الحرب الطاحنة ضد أبناء عمومتهم، للتطهر من خطايا الحرب، ويؤمنون بأن إحراق جثثهم فيها سيحرر أرواحهم، وسيجعلها جزء من الروح الإلهية الخالدة في النعيم. وتبدأ رحلة تحرر الروح تلك على عتبات الدرج الذي يقود إلى نهر "جانج"، حيث توجد المحارق التي تستعمل في الجنازات، ويسافر الناس إلى هذه المدينة التي تقع شمالي الهند منذ قرون بحثا عن التحرر من الخطايا، لذلك تسمى أيضا "مدينة الموت".

ولا تزال فاراناسي تعيش بمعزل عن التطور المرتبط بأي مدينة في القرن الواحد والعشرين، لأن هذه المدينة -التي تُعتبر العاصمة الروحية للديانة الهندوسية منذ ألف عام- لا تعطي المستقبل كثيراً من الاهتمام.


أقيمت في المدينة دور ضيافة ممولة من المؤسسات الخيرية وبعض الشركات، لإيواء الرجال والنساء الذين جاؤوا للعيش والموت في المدينة، ويطلق على هذه الدور اسم "دور الخلاص"، ويعد "دار المرضى"، واحدا من أقدم هذه الدور، ويضم 116 غرفة، خُصصت 40 منها للرجال والنساء الذي جاؤوا إلى المدينة خصيصا ليموتوا وتحرق جثثهم فيها، حسبما ذكرت "بي بي سي عربية" في تقرير خاص.

ويقول "في كيه أغاروال" مدير العمليات بدار المرضى: "نتلقى آلاف الطلبات سنويا، لكن بالنظر إلى العدد المحدود من الغرف التي يشغلها أحيانا بعض النزلاء لسنوات، نعطي أولوية للأشخاص الأكثر احتياجا للمساعدة، بعد التأكد من أنهم قادرون على تحمل نفقاتهم الشخصية ولديهم أقارب يعتنون بصحتهم ويتولون إجراء مراسم حرق الجثة بعد موتهم. ولا نقبل أي شخص تحت سن 60 عاما."

وتعد مدينة فاراناسي شمالي الهند واحدة من المدن الهندوسية المقدسةويدفع النزيل تبرعا قيمته نحو 100 ألف روبيه، ما يعادل 1,135 جنيه إسترليني، بحسب إمكانياته المادية، وتُخصص له غرفة في النُزُل يقيم فيها حتى مماته، ويقول أغاراوال: "نحن لا نقدم الطعام للنزيل، وعليه أن يتولى إحضاره وإعداده بنفسه، لكن الإدارة تبادر عادة بمساعدة من يحتاجون للعون المادي".

ويلاجظ أن بعض الغرف فسيحة ومجهزة بأجهزة تكييف وأماكن للطهي، ويستخدم النزلاء مراحيض مشتركة، وتوجد مراكز للعلاج بالطب البديل والطب الهندي التقليدي لرعاية المرضى من النزلاء، وبإمكان النزلاء استئجار شخص لمساعدتهم في أعمال الطهي والتنظيف، ويقضي النزلاء يومهم في ترديد الصلوات والأناشيد الدينية والتحدث إلى بعضهم البعض.

ويقبع دار ضيافة آخر في أحد أزقة مدينة فارناسي، يدعى "دار التحرر"، ويقول حارس الدار، نارهاري شوكلا: "هذا ليس فندقا، بل يأتي الناس إلى هنا للتكفير عن ذنوبهم، ويعيشون حياة خالية من مظاهر الترف، مثل أجهزة التكييف".

ولا يُسمح للنزيل بالإقامة في هذا الدار لأكثر من 15 يوما، بعدها تطلب الإدارة منه الرحيل إن لم يوافه الأجل. ويقول شوكلا: "قد نسمح ببعض الاستثناءات بحسب تقدير المدير لصحة النزيل"، بحسب "بي بي سي".

ويدفع النزيل 20 روبيه يوميا لتغطية تكاليف الكهرباء، وعليه أن يقضي وقته في العبادة، ويوجد معبد صغير ملحق بالدار ينشد فيه المصلون ترانيمهم يوميا، ويحظر على النزيل لعب الورق والانغماس في الأنشطة الجنسية وتناول اللحوم والبيض والبصل والثوم، وجميع الأطعمة التي تعتبرها بعض الطوائف الهندوسية غير طاهرة.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 28-مارس-2024 الساعة: 10:03 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-40014.htm