- صحيفة.."اتفاق الرياض".. تقسيمٌ لليمن بهيئة الوحدة واحتمالات ضئيلة في القتال المشترك مع تزايد الانباء عن مفاوضات مع انصار الله..

الخميس, 07-نوفمبر-2019
صعدة برس -
رغم محاولة لفرض صورة مثالية لاتفاق الرياض الذي وقعه المجلس الانتقالي الجنوبي مع حكومة عبد ربه منصور هادي الثلاثاء، لا يمكن انكار وجود عدد من المفارقات التي التقطها المراقبون، تارة في الاتفاق نفسه، وأخرى في مشهد التوقيع. إذ يفترض ان ينهي الاتفاق الاقتتال الحاصل في المحافظات الجنوبية بين الجانبين، لاستكمال القتال على جبهة الحوثيين تحت امرة القوات السعودية.

ووفق مراقبين فقد رسم الاتفاق الخطوط العريضة الأولى للانفصال الجنوبي باعتباره يفرض نفس العدد من الوزراء الجنوبيين للشماليين في حكومة جديدة سيجري تشكيلها على الاغلب لتعيد صياغة شكل المشهد اليمني، كما يدخل المجلس الانتقالي ضمن أي مفاوضات حل نهائي، وهو الامر الذي قال في سياقه نصر العيسائي احد قيادي المجلس لقناة دويتشة فيلة ان الاتفاق مرحلي ومؤقت.

وتحدث العيسائي في لقاء لمسائية DW عن كون الاتفاق ينهي القتال لمرحلة محددة وان مطلب الانفصال مؤجل لمفاوضات الحل النهائي. وبالتحليل يبدو ان اتفاق الرياض لم يكن اكثر من حفظ لماء الوجوه، لاستكمال ما عرف بعاصفة الحزم واستعادة الامل السعودية الإماراتية، رغم اخفاقها في الانتصار على الحوثيين منذ بدأت قبل 4 سنوات.

ورأى مراقبون ان الاتفاق يرسي قواعد “كونفيدارلية” بين الشمال والجنوب أكثر من دمج وصهر في دولة واحدة، إذ يكافئ بين دولتين مفترضتين، رغم ان الشمال عمليا لا تمثله حكومة هادي باعتبار معظمه تحت سيطرة جماعة انصار الله الحوثية، بينما يسيطر على الجنوب العديد من القبائل غير المنتمية للمجلس الانتقالي.

ومن المفارقات التي ظهرت أيضا حضور ولي العهد الاماراتي محمد بن زايد الي الجانب الأيمن من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان باعتبار الأول طرفا مكافئا لرئيس الحكومة اليمنية عبد ربه منصور هادي الذي جلس على الجانب الايسر، أي وكأن الامارات جزءا من الاتفاق الذي تم توقيعه كراعية وممولة للحراك الجنوبي.

توقيع اتفاق الرياض، وان كان بالضرورة يخطو خطوة نحو اظهار المملكة العربية السعودية كصاحبة مبادرة للحل، وهذا ما قد يحسب لها ان استمرت في عقد اتفاقات مماثلة، الا ان متابعة ردود الأفعال الجنوبية تظهر كم من الممكن لاتفاق مماثل ان يكون هشّاً، كما ان ذات الاتفاق اظهر كم سيكون هشّا حتى من جانب حكومة هادي اذ انتقد وزيري الداخلية والنقل على الأقل الاتفاق مرارا وتخلفا عن التوقيع.

وينص الاتفاق الذي أعلنت عنه الرياض ولم تنشر تفاصيله بعد على انضواء الالوية المسلحة الجنوبية تحت لواء قوات الشرعية لمواجهة الحوثيين، والذين (أي الحوثيون) انفسهم منخرطين بمباحثات من وراء الكواليس لايجاد حل سياسي مع الرياض ويفترض ان نائب وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان يدير دفته.

بهذا المعنى، ظهر ان اتفاق الرياض والمؤجل منذ اشهر قد لا يثمر عمليا على الأرض حتى في سياق القتال معا، بينما قد يثمر اكثر في وقف مسألتين هامتين: الأولى الاقتتال الجنوبي مع حكومة هادي وإظهار ضعف الأخيرة وبالتالي الشرعية ككل. والثانية هي وقف الاقتتال السعودي الاماراتي العلني من خلف الحكومة والجنوبيين على التوالي. بمعنى اخر فإن اتفاق الرياض أيضا يحمل بعدا إقليميا مرحليا بوقف النزاع في الملف اليمني لحين انهاء ما عرف بعاصفة الحزم والتي اغرقت الدولتين أصلا في المستنقع اليمني.

بهذا المعنى يصبح انسحاب الامارات من عدن جزءا من الاتفاق المذكور ولغايات إعادة صورة الحكومة الشرعية التي يجب ان تكون حاضرة في مفاوضات أي حل، في حال تقرر فعلا انهاء ملف ازمة اليمن، والذي يبدو اليوم انه يسير على قدم وساق لغايات التفرغ للازمة الفعلية مع ايران، في موسم انتهاء حروب الاذرع للقوتين الاقليميتين ومن خلفهما واشنطن وروسيا.
بكل الأحوال، الاتفاق خطوة إيجابية لليمنيين طالما يحقن الدماء ويزيد فرص وحدة ولو مؤقتة، الا ان الخشية ستبقى ان انفرط عقد التحالف الهش بين الجنوبيين وحكومة هادي على طاولات المفاوضات اللاحقة مع الحوثيين ومع الاخوان المسلمين المعروفين باسم حزب الإصلاح اليمني، اذ وبينما يحاول الحليفان الجديدان ابداء مواقف موحدة من الحوثيين لا تزال المواقف متباينة كثيرة من الاخوان المسلمين بطبيعة الحال.

المصدر: رأي اليوم
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 26-أبريل-2024 الساعة: 09:55 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-41310.htm