- المعشوقة‮.. ‬شيطان‮!!‬

السبت, 09-نوفمبر-2002
صعدة برس - محمد‮ ‬يحيى‮ ‬خمشوش -
طالما‮ ‬رأى‮ ‬فيها‮ ‬حلمه‮ ‬الوحيد‮.. ‬كان‮ ‬يتمنى‮ ‬أن‮ ‬يمسكها‮ ‬ويمتصها‮ ‬بنفس‮ ‬واحد،‮ ‬وبحرية‮ ‬تامة‮.

ذات‮ ‬مرة‮ ‬رآها‮ ‬بين‮ ‬أصابع‮ ‬أحد‮ ‬الوجهاء،‮ ‬من‮ ‬رجال‮ ‬الأعمال،‮ ‬فأصبحت‮ ‬في‮ ‬نظره‮ ‬رمز‮ ‬الوجاهة‮ ‬والثراء‮.‬

ومرة‮ ‬رآها‮ ‬في‮ ‬يد‮ ‬مفكر،‮ ‬فأصبحت‮ ‬رمز‮ ‬الفكر‮ ‬الناضج‮.‬

وثالثة‮ ‬وقعت‮ ‬عينه‮ ‬عليها‮ ‬وهي‮ ‬بين‮ ‬شفتي‮ ‬عاهرة‮ ‬من‮ ‬عاهرات‮ ‬شاشة‮ ‬السينما،‮ ‬فغدت‮ ‬تلك‮ ‬السيجارة‮ ‬مثالاً‮ ‬للتفسخ‮ ‬والفجور‮.‬

حين‮ ‬يحلم‮ ‬بوقوعها‮ ‬بين‮ ‬السبابة‮ ‬والوسطى‮ ‬فإنها‮- ‬مع‮ ‬إصراره‮ ‬على‮ ‬امتصاصها‮ ‬حتى‮ ‬نهايتها‮- ‬تصبح‮ ‬بمثابة‮ ‬التحرر‮ ‬من‮ ‬كل‮ ‬القيود،‮ ‬التي‮ ‬تحيط‮ ‬به‮.‬

كم‮ ‬تمنى‮ ‬أن‮ ‬يفقأ‮ ‬أعين‮ ‬الرقباء‮ ‬عليه،‮ ‬الذين‮ ‬لا يخفون‮ ‬عن‮ ‬أبيه‮ ‬شيئاً‮.. ‬لقد‮ ‬أصبحوا‮ ‬كوكالات‮ ‬الأنباء‮ ‬التي‮ ‬تتسابق‮ ‬إلى‮ ‬أولوية‮ ‬الإخبار‮ ‬بما‮ ‬يحدث‮.‬

في الكفتيريا- التي تقبع بجوار منزله- سأل صديقه، الذي أخذ في امتصاص أنفاس متتالية من سيجارة وأشعلها بعود الثقاب، ونفث دخانها بزفرة أعقبها دخان يعلو رأسه، كدخان القطار القديم الذي أزعج سكان مدينة ليست في هذه البلاد.. قال له مستفسراً: ما الفائدة من التدخين الذي‮ ‬لا تفتأ‮ ‬تتحدث‮ ‬عن‮ ‬ايجابياته‮ ‬المزعومة؟‮!‬

أجاب‮ ‬بافتخار‮: ‬الفائدة‮ ‬تكمن‮ ‬وراء‮ ‬الكيف،‮ ‬والكيف‮ ‬هذا‮ ‬يجعلك‮ ‬تسمو‮ ‬عن‮ ‬واقعك‮ ‬المعيش، ‬كما‮ ‬يرتفع‮ ‬دخان‮ ‬هذه‮ ‬السيجارة،‮ ‬تاركاً‮ ‬الناس‮ ‬تحته،‮ ‬يعيشون‮ ‬واقعهم‮ ‬وأحلامهم‮..

حينها‮ ‬أخرج‮ ‬صديقه‮ ‬سيجارة،‮ ‬وأشعلها‮ ‬قائلاً‮: ‬جرب،‮ ‬واعرف‮ ‬صحة‮ ‬ما‮ ‬أقول‮.‬

أخذها‮ ‬بين‮ ‬السبابة‮ ‬والوسطى،‮ ‬وبعد‮ ‬امتصاص‮ ‬نفسين‮ ‬منها،‮ ‬رأى‮ ‬يداً‮ ‬تأخذها‮ ‬من‮ ‬بين‮ ‬أصابعه،‮ ‬وتفتتها‮ ‬فتجعلها‮ ‬هشيماً‮ ‬تذروه‮ ‬الرياح‮.

إنها‮ ‬يد‮ ‬والده‮ ‬التي‮ ‬حطمت‮ ‬قوام‮ ‬معشوقته‮ ‬الممشوق‮.

نظر إليه والده ماقتاً‮ ‬فعلته‮ ‬الشنعاء،‮ ‬ثم‮ ‬زجر‮ ‬في‮ ‬وجهه‮ ‬قائلاً‮: ‬إحذرها،‮ ‬إحذر‮ ‬السيجارة،‮ ‬فهي‮ ‬شيطان‮ ‬في‮ ‬صور‮ ‬متعددة‮.‬
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 06-مايو-2024 الساعة: 12:28 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-8.htm