صعدة برس-متابعات - بالرغم ان الغارات بطائرات بدون طيار على باكستان انخفضت بشكل كبير هذا العام، الا ان الهجمات التي شنت مؤخرا على مقاتلي القاعدة في اليمن سلطت الضوء على الحرب التوسعية السرية التي تشنها الولايات المتحدة .حوادث كتلك عززت المخاوف من ان الطائرات بدون طيار تجعل الامر اكثر سهولة ليس فقط من حيث تنفيذ الهجمات و لكن ربما من حيث اتخاذ قرار الذهاب للحرب. هذا النقاش العام بديهي و يتمحور حول ثلاث خطوات رئيسية:
استخدام الطائرات بدون طيار امر جذاب لانها تقلل من الخسائر البشرية التي قد تحدث (في الحروب التقليدية)،من الاسهل ان نضخ المزيد من الاموال لتمويل الحرب عوضا عن المزيد من الخسائر البشرية،طالما و اننا نستطيع ان نذهب الى الحرب بخسائر اقل، فاننا سنفعل ذلك.
اليوم هناك ادلة متزايدة تؤكد صحة ذلك. في مارس 2011، خلص وزير الدفاع البريطاني الى ان وجود الطائرات بدون طيار لعب دورا في اتخاذ قرارات بالقيام بعمليات عسكرية في كل من باكستان و اليمن. و هناك ايضا من المخاوف ما يبرر ذلك. فالكثير من الغارات الامريكية في باكستان و اليمن تعتمد على استخدام الطائرات بدون طيار. و على الرغم من قدرة تلك الطائرات على توفير حياة الجنود، لكن اولئك ممن يتذكرون الحركات المناهضة للحرب في الولايات المتحدة، سيشعرون بالقلق على امة ليست بحاجة الى استيعاب اهوال الحرب.
لقد ولدت الطائرات بدون طيار الكثير من المخاوف الاخرى. و هناك بعض من تلك المخاوف التي نستطيع القيام بتوضيحها بطريقة افضل، و تشمل المخاوف من سقوط ضحايا مدنيين، و مشروعية و فعالية تلك الغارات في اطار الحرب على الارهاب. و بين فترة و اخرى نقلق بشان الفصل بين الشعب (و عادة نشير الى الولايات المتحدة في هذا سياق الكلام) و اولئك الذين يمتلكون قرار استخدام الطائرات. كل ذلك يحدث مع مراعاة الوضع السياسي.
بامكاننا معالجة تلك المخاوف دون الحاجة الى ارسال الجنود الى مناطق الحرب. ان استخدام تقنية اكثر تطورا في التعامل مع الاهداف، سيعمل على تقليص عدد الضحايا المدنيين, كما انه بالامكان اخضاع عملية ادارة الغارات الى مطالب القانون الدولي و تشريعات افضل، او ان يكون هناك عملية اشراف تتم بشكل ديمقراطي، للحد من المخاوف بان هناك قوة كبيرة جدا مركزة في ايدي حفنة من الناس. و علينا ان لا نغفل عن اهمية العنصر البشري في الحرب. ان عملية استيعاب اهوال الحرب ارشدتنا الى كيفية التعامل مع خلافاتنا خلال القرن الماضي. لكن مع استخدام الطائرات بدون طيار فعلينا ان نستعد لخسارة عملية الاستيعاب تلك.
لم يمضي الكثير من الوقت منذ انتهاء حرب فيتنام، و بالرغم ان هناك فقط ثلث ممن شاركوا في تلك الحرب ما زالوا على قيد الحياة (اصغرهم بلغوا سن 54 في عام 2009) الا ان الدروس المستفادة من الحرب ما زال صداها يتردد في انحاء الولايات المتحدة. كانت اول حرب يشاهدها المدنيين على شاشات التلفاز بشكل مريح من داخل غرف المعيشة في منازلهم. و كانت هي نفسها الحرب التي اخذت الناس عبر الاثير و عادت بجثث اخرين الى الولايات المتحدة في توابيت، و كان هذان العاملان هما الحافز من وراء الجهود المبكرة لحركات مناهضة الحرب. ان معظم المظاهرات الرئيسية التي خرجت لمناهضة الحرب قام بها قدامى المحاربين، الذين خاب ظنهم انفسهم. و لم يتجاوز عدد اعضاء منظمة قدامى محاربين فيتنام ضد الحرب 25,000 عضوا كحد اقصى، لكن المنظمة اثبتت ان تاثيرها كان كبيرا في حركة الاحتجاجات. لقد عمت الحرب الثقافة الامريكية و غزت اوجه الحياة الامريكية.
نحن نعلم ان هناك علاقة وثيقة بين كيفية استيعاب السكان المحليون للحرب، و الى اي مدى يمكن انخراطهم فيها. و لا يخفى على احد ان حروب افغانستان و العراق لم تواجه معارضة بحجم تلك التي واجهتها حرب فيتنام. و مسالة ان يكون ذلك الامر باعث على الاسى من عدمه، يظل محل خلاف، لكن علينا ان نضع نصب اعيننا ان الغالبية الساحقة من الناس يؤمنون بان الحروب اصبحت غير شرعية، او على اقل تقدير تم اساءة استخدامها. و بين هذه المجموعة الكثير من الناس ممن يعجبون ماذا حل بروح مناهضة الحرب التي نفخت ذات يوم في الشعب الامريكي.
و بالرغم ان عملية استيعاب الحرب تعتمد بشكل كبير على طريقة تسويقها، الا ان الوجه الاخر للعملة، يتمثل في الخسائر البشرية في الحرب. ان عودة الجنود و المدنيين قد تجلب معها اهوال الحرب الى الوطن، و تكشف حقائق ما كان لنا ان نعرفها. تامل فقط التبني الشامل لمصطلح جيرتود ستاين – الجيل المفقود – بعد الحرب العالمية الاولى. بالرغم ان الكثير هتفوا لفكرة الاحتفاظ بالمواطنين بعيدا عن الصدمات النفسية، لكن علينا ان نتذكر اهميتهم في الهامنا في ان نفكر ما السبب في الذهاب الى الحرب في المقام الاول.
بالنسبة للكثير من الناس فان الارث الذي تركته حركة مناهضة الحرب كان ايجابيا، و ينظر اليه على انه كان عهد الضمير الامريكي. اولئك الذين يتشاركون في وجهة النظر تلك، عليهم ان يكونوا حذرين من استثناء العنصر البشري من النزاع. و بالرغم من انه هدف نبيل، الا انه كان ممكنا فقط عندما توقف العنف تماما. و بعد عشرين عاما من الان قد لا نحتاج الى ان نتوقف، لاننا سنستطيع حينها ان نضع الة في دفة القيادة، و لن تستطيع اي الة ان تلهم الضمير المحلي.
المصدر : صحيفة تورنتو ستار الكندية
|