- الاندبندنت.. هل تدفع الجزائر والمغرب ثمن الحرب الباردة بين واشنطن وموسكو..

السبت, 21-يناير-2023
صعدة برس - وكالات -
تتوسع دائرة التوتر بين موسكو وواشنطن لتصل شمال أفريقيا، بعد أن أصدر الرئيس الأميركي جو بايدن تعليمات لوزيره للدفاع لويد أوستن، بإعداد خطة طارئة لإنشاء قاعدة صناعية عسكرية أميركية في المملكة المغربية، الأمر الذي أثار مخاوف من تطورات قد تدفع المنطقة إلى صراع مسلح لا غالب فيه.

طلب عاجل وطارئ

وقالت صحف أميركية، إنه خلال اجتماع رفيع المستوى عقد نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، خصص لمناقشة الاستراتيجية العسكرية العالمية الجديدة لأميركا، طلب بايدن من وزيره للدفاع، الضغط على وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” لتسهيل الجوانب اللوجيستية والقانونية لاستثمارات صناعة الدفاع في المغرب. أضافت أن بايدن يسعى إلى دمج الرباط في المعادلة العسكرية الدولية من خلال تطوير قدراتها العسكرية الفنية.

وأشارت الجهات الإعلامية الأميركية إلى أن بايدن تلقى قبل اجتماعه مع أوستن، تقريراً مفصلاً من رئيس وكالة الاستخبارات المركزية ويليام بيرنز، حول توسع نفوذ روسيا في أفريقيا، بما في ذلك زيمبابوي والسودان وجمهورية أفريقيا الوسطى والجزائر ودول الساحل والصحراء، وذكر أن روسيا لا تدعم بقوة النظام الجزائري عسكرياً وسياسياً فحسب، بل تناقش أيضاً إنشاء قاعدة لوجيستية كبيرة من شأنها أن تمنحها منفذاً مهماً للدول الواقعة جنوب الصحراء الكبرى، ما يهدد مصالح واشنطن والحلفاء، وفق ما جاء في التقرير.

وأوضحت أن قرار الرئيس بايدن أتى بشكل عاجل وطارئ، بهدف تقوية الوجود العسكري الأميركي في شمال أفريقيا، بخاصة أن العلاقة متينة مع الرباط التي تعتبر حليفة عسكرية مفضلة في المنطقة، وازدادت قوة بعد أن قررت الإدارة السابقة بقيادة الرئيس دونالد ترمب التوقيع على اعتراف بسيادة المغرب على كامل أراضي الصحراء الغربية.

خبر روسي سابق

وسبق أن تناولت جهات إعلامية دولية في أبريل (نيسان) 2021، خبر عزم روسيا إنشاء قاعدة عسكرية بحرية في الجزائر على الحدود مع المغرب، وهو ما نفته الأخيرة في حينه. وشددت على أن الجزائر التي ترفض إنشاء قواعد عسكرية غربية بدول الجوار، لا ترضى لنفسها فعل ذلك ومعاكسة توجهاتها ومبادئها. وما أعطى صدقية للخبر، وفق ما ذكرت صحف غربية، الزيارات المتكررة والمتواصلة لوفود عسكرية روسية إلى الجزائر، حيث أشارت إلى أن الوفود الروسية تفقدت بشكل دقيق قاعدة “المرسى الكبير” البحرية غرب البلاد.

الحرب ليست في صالح البلدين

الدبلوماسي الجزائري محمد خذير العضو السابق بمجلس حقوق الإنسان الأممي، رأى أن القاعدة الأميركية المقصودة ليست حربية وفق المتعارف عليه، وإنما قاعدة للسفن العسكرية وإصلاحها، مشيراً إلى أن الحرب الباردة قائمة بين واشنطن وموسكو منذ مدة، لكن أن تصل لأن تكون شمال أفريقيا أو المغرب والجزائر بالخصوص، منطقة صراع لتلك الحرب، فلا أظن ذلك، على اعتبار أن الحرب الباردة تشهدها أوكرانيا حالياً، ولا أعتقد أن الطرفين يريدان تمديدها.

أضاف خذير أن عمليات اقتناء الأسلحة ليست وليدة اليوم وتمتد لفترة سابقة، والجزائر لديها خطة بعيدة المدى وليست مرتبطة بالمغرب بالنظر إلى ضخامة كميات القطع الحربية الحاصلة عليها، بالتالي، فهي موجهة لأمور أخرى منها الوضع في منطقة الساحل، ومواجهة حلف “الناتو” في حال جد جديد، مبرزاً أن واشنطن تعتمد في هذا الملف على الدبلوماسية بدليل الزيارات المتنوعة والمتواصلة للجزائر. ولفت إلى أن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون كان واضحاً في تصريحه بأن بلاده قطعت العلاقات مع المغرب لتفادي الحرب، لأن الطرفين يعلمان أن الحرب ليست في صالحهما، على الأقل في الوقت الحالي حيث الصراع في أوكرانيا مستمر.

لا روسيا ولا أميركا

من جانبه، اعتبر الباحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية عدنان محتالي أن روسيا لن تقوم ببناء أي قاعدة في الجزائر، و”أشكك أن يجسد الأميركيون فكرتهم في المغرب”. وقال “من المرجح أن إعلان بناء القاعدة في المغرب هو محاولة للضغط على الجزائر لا غير”، مضيفاً أن الأميركيين يعلمون أن الجزائر لن تسمح للروس بإنشاء قاعدة عسكرية على أراضيها، لكنها قد تسمح بذلك إذا أقدمت أميركا على الخطوة في المغرب، وهو ما يجعل أوروبا عرضة للخطر.

قوى تستثمر في عداء الإخوة

في المقابل، لفت أستاذ العلاقات الدولية المغربي إدريس لكريني إلى أن التطورات المسجلة بين البلدين خلال الفترة الأخيرة أمر يدعو إلى الأسف وإلى القلق الشديد باعتبار أن الدولتين، وبحكم وزنهما داخل المنطقة المغاربية، كان للقطيعة انعكاس سلبي في ما يتعلق بحال الإحباط التي باتت سائدة، وزاد تراكم المشكلات تكريس أجواء الحذر بين الطرفين. وأوضح أنه بناء على ما سبق، فإن التوجه نحو التصعيد الذي أخذت منحى غير مسبوق أمر طبيعي، إذ إن هذا الوضع لا يخدم البلدين ولن يكون في صالح المنطقة.

وواصل لكريني أن هناك قوى دولية تستثمر في هذا العداء بين الإخوة الفرقاء من أجل التموقع في المنطقة، ما يقتضي الحذر، عازياً السبب الرئيس الذي جعل المنطقة أمام هذا الوضع هو خيار القطيعة. وشدد على ألا حل غير الحوار الذي، إن حدث، سيجعل المشكلات تختفي. وختم أنه حان الوقت للأصوات العاقلة أن تخرج للعلن للحد من الحروب التي تجرى على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام التي تعمق الجروح.

الخطوة ليست بهدف استقواء المغرب على جيرانه

إلى ذلك، رأى الباحث في الشؤون المغاربية عبدالمجيد بن شاوية أنه في إطار صراع الأقطاب الدولية والتحالفات القائمة بينها وبين دول أخرى سواء بداخل القارة نفسها أو خارجها، ومحاولة كل منها تعزيز وجودها وشراكاتها معها، وحفظ مجال النفوذ الاستراتيجي لها، تأتي مبادرة الولايات المتحدة لإعداد خطة لإنشاء قاعدة صناعية عسكرية بالمغرب، موضحاً أن القراءات والتأويلات بدأت تتناسل في تناولها هذا المشهد ذا الطابع الدولي، وتطرح بصدده أسئلة عديدة، وربما هناك تخوفات وتوجسات من قبيل هل يمكننا قراءة هذه المشاريع في ضوء ما عرف تاريخياً في زمن الاستقطاب الأيديولوجي كونها إحياء لمفاهيم الحرب الباردة في حلة جديدة؟ وهل هذه التوجهات الاستقطابية لأميركا وروسيا تحديداً، في شمال أفريقيا، ستؤسس من جديد لحروب بالوكالة بين دول شمال أفريقيا؟ وهل يمكننا التخمين أن ما يدور من صراع بين روسيا وأميركا في المجالين الجغرافيين لكل من الجزائر والمغرب ينذر بإشعال فتائل حرب بالوكالة بين الجارين الشقيقين؟

وتابع بن شاوية أن المغرب لا يبتغي في توجهاته السياسية والعسكرية فتح أبواب الصراع على أساس عقيدة عسكرية عدائية ضد أي كان في علاقاته الخارجية، ولا يمكنه أن ينجر إلى مخططات عسكرية حربية تجاه أشقائه الجزائريين مهما كان الثمن، “فقد أثبتت معطيات التاريخ أن ما أسس في مرحلة سابقة من روح عقائدية عسكرية زمن الراحل الحسن الثاني، يؤشر إلى استمرار تجنب الصراع العسكري المباشر بين الجزائر والمغرب منذ عقود من الزمن كما في أوج الحرب الباردة سابقاً، ولولا هذه الروح لما عمل على إيقاف الحرب بينه وبين جبهة البوليساريو، والدخول في مفاوضات مع الأطراف المعنية بالصراع على الصحراء”، مبرزاً أن ما يمكن تسجيله في ضوء مبادرة إنشاء قاعدة صناعية عسكرية أميركية بالمغرب، أنها تدخل في إطار التعاون والعلاقات بين واشنطن والرباط من جهة، كما هناك توجه مغربي وانخراط في عمليات مناهضة الإرهاب القاري والدولي والجريمة المنظمة من جهة أخرى، إضافة إلى أنها تندرج في سياق إنشاء واشنطن قواعد لها في كل بقاع الأرض، بالتالي الخطوة ليست بهدف استقواء المغرب في مواجهة جيرانه.

واشنطن لا ترد

وفيما لم تعلق السفارة الأميركية لدى المغرب على ما سبق، قالت الدبلوماسية الأميركية بالجزائر إنه تم إرسال طلب “اندبندنت عربية” إلى واشنطن للرد، و”نحن في انتظار الرد”.

وسط هذه الأجواء، قال الرئيس التنفيذي للمركز الأوروبي لدراسات الشرق الأوسط ستار جبار رحمن، إن أصل الصراع اليوم الذي يتمثل في الحرب الروسية- الأوكرانية هو صراع بين روسيا وأميركا، لهذا، فكل من موسكو وواشنطن تحاولان توظيف حلفائهما بهذا الصراع. وقال إن تلك القوى وجدت في الخلافات الجزائرية المغربية أرضية يمكن تغذيتها لتكون ساحة صراع بالوكالة، كشكل من أشكال الحرب الباردة أو يمتد ليكون حرباً، مشيراً إلى أن الأمر يعتمد على تطورات الحرب الروسية- الأوكرانية، وهل ستنصاع روسيا للنظام العالمي الحالي بقيادة الولايات المتحدة أم يعاد صياغة النظام العالمي بمعايير وأدوار جديدة.

المصدر: الاندبندنت عربية
المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 19-أبريل-2024 الساعة: 09:04 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: https://www.saadahpress.net/news/news-47057.htm