صعدة برس - وكالات - لم تعد الحرب في غزة تكتفي بحصد الأرواح فوق الأرض، بل امتد أثرها إلى الأرحام، حيث تُسقِط الأجنّة قبل أن يروا النور، تحت وطأة النزوح والجوع والانهيار الصحي.
قصص نساء فقدن حملهن بصمت باتت تتكرر يوميًا داخل الخيام ومراكز الإيواء، في مشهد يعكس تدهورًا خطيرًا في صحة الأمهات ومستقبل الحياة في القطاع.
رهف عزّات (27 عامًا)، نازحة من مدينة غزة، فقدت جنينها في شهره الرابع بعيدًا عن أي غرفة طبية.
بين خيمة ومطبخ بدائي، وبين دلو ماء وحطب مشتعل، كانت رهف تُكابد أعباء الحياة اليومية من دون متابعة صحية أو مكملات غذائية.
تقول لموقع (فلسطين أون لاين) ، اليوم الثلاثاء: “لم أكن مريضة، فقط كنت متعبة جدًا”، قبل أن ينتهي حملها بنزيف حاد داخل مركز الإيواء.
وأكد طبيب النقطة الطبية البدائية لها أن الإرهاق الشديد كان السبب، مضيفًا: “هذا ليس أول إجهاض نراه”.
وليس حال رهف استثناءً. مريم عوض (25 عامًا)، نازحة من شمال القطاع، أجهضت جنينها في شهره الخامس بسبب سوء التغذية الحاد. أشهر حملها مرّت بلا وجبة متكاملة واحدة، ولا فيتامينات، ولا فحوصات.
“كنت أظن أن الجوع يصيبني وحدي، ولم أعلم أننا نتقاسمه أنا والجنين”، تقول مريم، التي أكد لها الأطباء أن جسدها المنهك لم يعد قادرًا على الاستمرار في الحمل.
وزارة الصحة في غزة حذّرت من تصاعد مقلق في حالات الإجهاض، مقابل تراجع حاد في معدلات الولادة.
وقال مديرها العام منير البرش إن عدد المواليد انخفض بنحو 40% مقارنة بما قبل الحرب، معتبرًا ذلك “مؤشرًا على تدمير ممنهج لقدرة المجتمع على التجدد”. وأشار إلى انتشار ظاهرة انخفاض أوزان المواليد نتيجة سوء التغذية ونقص البروتينات والفيتامينات الأساسية.
ولا يقتصر الخطر على الإجهاض وسوء التغذية، إذ يؤكد البرش أن استهداف البنية التحتية للصحة الإنجابية فاقم الأزمة، مع قصف مراكز تخصيب وتدمير آلاف الأجنّة المخصبة المحفوظة داخلها، ما يعني – وفق تعبيره – “محو أجيال كاملة وهي في أدق مراحلها”.
في غزة، لم يعد الحمل وعدًا بالحياة، بل اختبارًا قاسيًا للبقاء. وبين نزوح متكرر وجوع وإرهاق، تتساقط الأجنّة بصمت، فيما تُكافح الأمهات للاحتفاظ بما تبقى من أمل في مستقبل لم تولد ملامحه بعد. |