صعدة برس-متابعات - على عكس ما كان متوقعاً، جاء التعديل الذي أجراه الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي على حكومة محمد سالم باسندوة صادماً ومتعارضاً مع المطالب الشعبية الواسعة لإنهاء التقاسم والمحاصصة الحزبية، ومعززاً في الوقت ذاته للتحالف بين هادي وحزب الإصلاح وحلفائه، إذ أعاد هذا التعديل تمكين الأطراف الممكّنة أصلاً من مفاصل الدولة.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي سامي غالب أن «القراصنة الذين اختطفوا اليمن، يحاولون شراء الوقت بتعديل وزاري تحايلي احتيالي»، حسب تعبيره.
ويضيف غالب إن «هؤلاء يصورون المشكلة على أنها عدد من الوزراء يتم استبدالهم بآخرين من أحزابهم أو من رجال الرئيس الانتقالي، وليست في الالتفاف على المطالب الشعبية وأخذ البلد إلى مشاريع انتحارية».
ترتيب تحالفات ومع أن التعديل الوزاري يبدو ظاهرياً أنه جاء استجابة للاحتجاجات الشعبية التي شهدتها العاصمة بفعل الفشل الحكومي في معالجة ملف المشتقات النفطية والكهرباء، فإن المصادر السياسية وقائمة الأسماء التي دخلت التشكيلة الوزارية وتلك التي تم تدوير مواقعها، تعكس توافقاً بين حزب الإصلاح ورجال الرئيس هادي في حزب المؤتمر الشعبي، وتقليص نفوذ الرئيس السابق في الحكم.
قيادة الحزب الاشتراكي والتنظيم الناصري، وهما شريكان في حكومة الوفاق، أكدا أنهما فوجئا بالتعديل الوزاري، ووصفاه بأنه يتعارض مع مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وهو أمر يؤكد توجه الرئيس هادي نحو إعادة ترتيب تحالفاتها على القواعد التي سار عليها سلفه في إدارة البلاد علي عبدالله صالح مدة ثلاثة وثلاثين عاماً، وأنه غير آبه بما سيصدر عن هذين الحزبين من مواقف.
مفاوضات شاقة المفاوضات التي ذكرت المصادر السياسية أنها انتهت منذ ما يزيد على أسبوع باختيار هادي الاحتجاجات لإعلانها فقط، أفضت إلى تعيين نائبين لرئيس الحكومة، أحدهما من جناح الرئيس في حزب المؤتمر، والأخر من الإصلاح. وتم بموجب التعديل الاتفاق على إزاحة وزير الإعلام، واستبدال مدير مكتب الرئاسة السابق نصر طه مصطفى به، وتعيين خطيب الجمعة فؤاد الحميري نائباً لوزير الإعلام، ونقل صخر الوجيه اليد العليا للواء علي محسن الأحمر إلى محافظة الحديدة، ما يشر على مفاوضات شاقة بين الطرفين، لإتمام هذه الصفقة التي غابت عنها المطالب الشعبية، وغيبت عنها الأطراف التي قبلت على نفسها أن تبقى رديفاً لتجمُّع الإصلاح.
مكاسب مشتركة وبهذا التعديل، اطمأن الطرفان إلى تعيين وزير للمالية من قبيلة حاشد، لكنه «مطيع»، ولن يرفض توجيهات هادي.
وكسب الإصلاح ومعه علي محسن استعادة سيطرتهما الكاملة على إقليم تهامة الذي ظل طوال ثلاثة عقود منطقة نفوذ لهما بالاتفاق مع الرئيس السابق.
حزب الإصلاح واللواء الأحمر كسبا من هذا التعديل استكمال سيطرتهما على كل المؤسسات الإعلامية المملوكة للدولة، فالوزير ونائبه جزء من هذا الجسم الذي كان طرفاً في الحكم في عهد الرئيس السابق، وهذا الأمر سيمكّنهما من استكمال بسط سيطرتهما على ما تبقى من المؤسسات الإعلامية، وبقية الملحقيات الإعلامية في السفارات اليمنية بالخارج.
في المقابل، خسر المؤتمر الشعبي وزير الخارجية أبوبكر القربي الذي كان حليفاً وفياً للرئيس السابق، غير أنه نجح في الاحتفاظ بوزارة الخارجية من خلال تعيين أحد رجالاته على رأسها، وهو مندوب اليمن السابق لدى الأمم المتحدة جمال سلال.
تمثيل متوازن وحتى اللحظة، لا يمكن الجزم إذا كانت هناك توجهات فعلية لإنهاء التقاسم واحتواء الغضب الشعبي، ولا يمكن معرفة حقيقة ما أشيع عن الاتصالات مع رئيس الوزراء الأسبق حيدر العطاس، وأطراف في الحراك الجنوبي للدخول في حكومة جديدة، غير أن المؤكد هو أن الرئيس اليمني يحرص على تمثيل متوازن بين المنحدرين من الشمال والجنوب، في إطار التقاسم بين التحالف الحاكم اليوم، كما أن الحوثيين كشفوا عن رغبة واضحة في دخول الحكومة، سواء من خلال لقاءاتهم مع المبعوث الدولي لدى اليمن جمال بن عمر أو مضامين تصريحات قادتهم.
ويؤكد المحللون أن المفاوضات التي جرت بين هادي وحزب الإصلاح وحلفائه، أجبرت الأول على إبعاد خالد بحاح الذي لم يمض على تعيينه وزيراً للنفط أكثر من شهرين نزولاً على رغبة حزب الإصلاح، ليبدو الأمر كأن صخر الوجيه وزير المالية المقال يتحمل وحده مسؤولية الفشل في حل مشكلة أزمة المشتقات النفطية.
تعديل مرتقب في ظل تثبيت مبدأ التقاسم الحزبي بين الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وحزب الإصلاح وبقاء الحوثيين والحراك الجنوبي خارج التشكيلة الحكومية، ينتظر أن يلجأ طرفا الحكم إلى تعديل أو تغيير وزاري في نهاية العام الجاري، عقب الانتهاء من صياغة الدستور الجديد وطرحه للاستفتاء الشعبي، باعتبار أن ذلك من مقررات مؤتمر الحوار الوطني، وأنه مطلب يحظى بمساندة داخلية ودولية، من اجل إنهاء الحروب والصراعات، وضمانة لتنفيذ قرارات مؤتمر الحوار الوطني. |